-A +A
ماجد قاروب
تحقيقاً للمبادئ والثوابت أمامَ طوفان المتغيِّرات والنوابت، ومراعاة للسنن الشرعية والكونية، وفي ظل تنامي موجات التشكيك والأفكار الدخيلة، والمساوَمة على المبادئ والقيم الإسلامية والإنسانية، وأمام التحديات الفكرية والأمنية والتنموية، وجديد الصراعات والأزمات، تتطلَّع الشعوب والمجتمعات إلى ترسيخ أسس ومرتكزات تحقق من خلالها التقدم والازدهار، وتعانق فيها الأمجاد، وتسابق الحضارات، ومدارها على الدين والقيم؛ فهما الفخر والشيم، وبهما تعلو الهِمَم، وتبلغ القمم، وتسمو الأمم، يكمن ذلك في: إيمانٍ خالصٍ، وأمنٍ وارفٍ، وقِيَمٍ نبيلةٍ، واعتدالٍ لَاحبٍ، وعِلم واجب، وتربية سليمة، وتنمية مُستدامة، ورقمنةٍ مستفادةٍ، وأنسنةٍ مستفاضةٍ، وجودةٍ عاليةٍ، للحياة شاملةٍ، تلك عَشَرَةٌ كاملةٌ، تُحقِّق الإسعادَ للمجتمعات، والازدهارَ في الأمجاد والحضارات.

تلك العبارات جزء من خطبة الجمعة الماضية للشيخ عبدالرحمن السديس لخصت أعمال ومهام وزارات الإعلام والثقافة والتعليم والشؤون الاجتماعية ليس فقط بالوطن الغالي ولكن للعالم الإسلامي والبشرية الكونية.


وهنا تُعلى قيم الصدق والأمانة، والرفق والشرف والمروءة واليسر، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وحقوق الإخوة، ورعاية الأيتام، والأعمال الخيرية والتطوعية، والإغاثية، والإنسانية، في مجافاة للعنف والإيذاء، والعقوق وسلب الحقوق، وهنا أيضاً رسالة مهمة للمجتمع بجميع قطاعاته خصوصاً قطاع الأعمال ودوره المهم تجاه المسؤولية الاجتماعية والخدمة المجتمعية.

الانتماء الوطنيّ ليس مُجرَّدَ عاطِفَةٍ غامرةٍ، أو مشاعرَ جيَّاشةٍ فحسبُ، بل هو مع ذلك إحساسٌ بالمسؤوليَّة، وقيامٌ بالواجبات، فالمواطَنة الحقَّة شَرَاكةٌ بينَ أبناءِ الوطنِ في الحياة والمصير والتحدِّيات، وفي المقدَّراتِ والمكتسَباتِ والمُنْجَزَاتِ، وفي الحُقُوقِ والوَاجِبَاتِ، وذلك من خلال الرُّؤى المستقبليَّة، والخُطط الإستراتيجيَّة، والاستثمارات الحضاريَّة، والمنشآت الرقميَّة التقنيَّة، إلى غير ذلك من الفاعليَّة والإيجابيَّة، والإسهامات الإنتاجيَّة التي تُحفِّز على التنمية القائمة على استثمار التِّقانة، والتحول الرقميّ، والذكاء الاصطناعيّ؛ لمواكَبة عصر الثورة التقانيَّة، من خلال التنمية المُستَدامة، والمواكَبة العِلميَّة للتطوُّر الحضاريّ العالميّ، في استمساك بالأصول والكليات، وسَعةٍ في الفروع والجزئيَّات، وهذا يحتم علينا أن نتعامل مع مناسبة اليوم الوطني بأسلوب يرسخ لحب الوطن والمواطنة الصالحة؛ وهو ما يفرض على وزارات الرياضة والسياحة والثقافة والاتصالات وهيئات الترفيه والسينما والمسرح العمل على برامج وفعاليات تخدم هذه المناسبة لترسيخ حب الوطن والولاء والانتماء لتراب هذه الأرض الغالية بكامل محيطها بما تحمله من عادات وتقاليد وتراث كبير وعميق في التاريخ.

من أهم ثمار حُبّ الأوطان؛ الوحدة، واللُّحمة، ولزوم الجماعة، وحُسْن السمع للإمام والطاعة، في وسطيَّة واعتدال، فلا غُلوَّ ولا تطرُّفَ، ولا جفاءَ ولا انحلالَ، في وحدة متألِّقة تتسامى عن الشذوذ والفُرْقَةِ والانقسامات، وكَيْل التُّهم، والتصنيفات، والخلافات.

نعم صدقت كلمات معالي الشيخ، فعلينا واجب السمع والطاعة لولي الأمر المسؤول وحده شرعاً وقانوناً عن السياسة الشرعية التي تحكم البلاد والعباد، وهو من يحدد الضرورات والمحظورات من المنظور الشامل لكامل الوطن والمجتمع في المحيط الإقليمي والدولي والعالمي لحماية المكتسبات والمقدسات التي يحتضنها وطننا الغالي ويشرفنا بخدمة الإسلام والمسلمين حول العالم.

هذا كله يحتم على مؤسسات المجتمع المدني وهيئاته بالتعاون مع القطاع الخاص وجوب التنسيق والتطوير لكل ما يخدم الوطن والمجتمع. شكراً معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام لهذه الخطبة التي حملت الكثير من المعاني والمقاصد والقيم.