-A +A
حمود أبو طالب
ما زلنا في معضلة مع بعض المسؤولين وأساليب تفاعلهم مع ما يكتب في الصحف من ملاحظات بشأن الجهات التي يتولون مسؤولية إدارتها، فقد كنا نظن أن عقليات الجيل الجديد من المسؤولين قد تغيرت كحتمية لتغير المرحلة، وأنهم ملتزمون الآن بالنهج الذي تدعو إليه الدولة من حيث الشفافية والنقد الموضوعي للسلبيات، وإبداء الملاحظات على أداء كل الأجهزة الحكومية؛ توخياً للصالح العام، وتحسين الخدمات والإجراءات، وتطوير العمل بالشكل الذي يطمح إليه الجمهور.

ولكن يبدو أن ترسبات الماضي ما زالت موجودة لدى بعض المسؤولين المصابين بحساسية مفرطة من النقد والحديث عن القصور والاستماتة في تبرير الأخطاء الواضحة التي يصعب أو يستحيل تبريرها. قبل فترة كتبت ملاحظة عن أداء إحدى الشركات الحكومية المهمة ذات الصلة المباشرة بحياة الناس، وخلال وقت قصير جداً اتصل بي الوزير المسؤول عنها قبل الرئيس التنفيذي المباشر للشركة، وتحدث معي طويلاً وبكامل التهذيب عن مشاكل الشركة بكل شفافية، موضحاً مكامن الخلل والقصور فيها قبل نقلها الى وزارته، والخطط التي تجري الآن لمعالجتها وتحسين أدائها، ومعترفاً أن للناس كل الحق في التذمر منها.


بعد ذلك، كتبت بعض الملاحظات عن جهة أخرى، وما إن نشر موقع الصحيفة في تويتر أن مقال الغد للكاتب فلان سيتحدث عن تلك الجهة حتى اتصل بي أحد منسوبيها معاتباً على ذلك، قبل أن يُنشر المقال وقبل أن يعرف مضمونه، والحقيقة أنني ذهلت من تلك السذاجة والجرأة على الاعتراض على مقال لم يقرأه بعد، ولا يعرف مضمونه.

الخلاصة التي يجب أن يعرفها المسؤولون من صنف المعترض على الملاحظات حتى قبل معرفتها أن عليهم الاقتداء بالكبار الذين يعرفون المعنى الحق للمسؤولية ووظيفة الإعلام وأهمية احترام الرأي العام، وأن الجهات التي يتولون مسؤوليتها ليست أملاكاً خاصة بهم، وأنهم مجرد موظفين منحتهم الدولة ثقتها لخدمة المجتمع.

أفيقوا يا بعض المسؤولين، الزمن تغير، فإما أن تكونوا أهلاً للمرحلة ومتطلباتها، وإما غادروا إلى أماكن أخرى لا علاقة لها بخدمة الناس.