-A +A
حمود أبو طالب
لا أظن أن هناك مثقفاً أو إعلامياً أو أديباً في الوطن العربي لا يعرف منتدى «الاثنينية» في مدينة جدة، أو اثنينية عبد المقصود خوجة كما هو اسمها الشائع المتداول، كما لا أظن أن هناك علماً بارزاً في تلك المجالات لم يتم تكريمه فيها أو على الأقل شارك فيها من داخل المملكة وخارجها.

لقد غادرنا إلى رحمة الله الوجيه الاجتماعي والمثقف ورجل الأعمال البارز الأستاذ عبد المقصود خوجة، ونعته الأخبار يوم قبل أمس السبت، وأصبح واحداً من أبرز أخبارها مثلما كان كذلك حياً رحمه الله، والحديث عن هذه الشخصية ليس فقط حديثاً عن مهتم بالثقافة بكل أنواعها وإنما لكون اثنينيته كانت تمثّل مؤسسة ثقافية متكاملة وظاهرة متفردة بدأت قبل أكثر من أربعة عقود، في وقت لم يكن يجد فيه المثقفون محفلاً يجمعهم ويهتم بهم ويحتفي بإنتاجهم.


كانت الاثنينية تتميز بأنها لا تنحاز إلى فكر محدد أو تيار معين أو اتجاه واحد أو مجال بعينه، كانت مجمعاً شاملاً لكل الأطياف، وكانت على مسافة واحدة من الجميع، لذلك كان الجميع متفقين عليها، وكانت خارج جدل التصنيف. كما أنها كانت شاملة لكل مجالات الإبداع دون حصر، فمثلما احتفت بالمؤرخ والباحث والشاعر والقاص والروائي والاعلامي فإنها احتفت بالطبيب والفنان والعالم في أي مجال من مجالات العلم، كما أنها لم تكن محدودة على الداخل بل انفتحت منذ بدايتها على المبدعين من العالم العربي وخارجه. لقد كانت بحق ظاهرة نادرة وعلامة مضيئة في المملكة وملمحاً من ملامحها الجميلة.

لقد كان عبد المقصود خوجة أول من سخّر ماله وموقعه الاجتماعي داخل الوطن وخارجه لخدمة الثقافة والأدب بشكل مؤسسي، ووثّق حراك أكثر من أربعين عاماً في منتداه. وبغيابه سوف يفقد شارع عبد المقصود خوجة بمدينة جدة ذلك الزحام الذي كان يشهده مساء كل اثنين.

رحم الله عبد المقصود خوجة.