-A +A
جميل الذيابي
أسئلة كثيرة لا بد من أن يوجّهها المحلل السياسي إلى نفسه قبل الحديث عن أبعاد ومغزى الجولة الإقليمية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التي بدأت بالقاهرة، ثم عمّان، وانتهاءً بأنقرة: ماذا تعني هذه الجولة؟ ولماذا هذه الجولة قبيل بدء موسم الحج؟ ولماذا تم توقيتها لتستبق زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمملكة منتصف يوليو القادم؟

لا شك في أن الجولة تمثّل تأكيداً قاطعاً لأهمية ووزن السعودية وولي عهدها الأمير محمد بن سلمان، ليس في المنطقة فحسب؛ بل على صعيد السياسة العالمية، في وقت يشهد العالم زيادة التوتر، وتباين المواقف والسيناريوهات في أكثر من بقعة. ويلاحظ أن هذه الجولة الجديدة سبقتها جولة موسّعة قام بها ولي العهد لدول مجلس التعاون الخليجي، أرست أسس تعزيز التحالف الخليجي، من خلال توحيد المواقف، وتقريب الرؤى، ووضع الاستراتيجيات المشتركة حيال أمن الخليج. وجاءت زيارة الأمير محمد بن سلمان للقاهرة وعمّان للتعاون والتحاور والتشاور قبيل زيارة بايدن للمملكة، حيث ستعقد قمة 6+3+1 بحضور قادة دول مجلس التعاون والرئيس المصري، والعاهل الأردني، ورئيس الوزراء العراقي، والرئيس الأمريكي. وهو محور عربي بدأت تتبلور ملامحه بوضوح، بفضل الدبلوماسية النشطة والحصيفة لولي العهد. وزادت حتمية هذا المحور وأهميته بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا والتحديات الجمّة التي تواجه العالم. وهي مناسبة للقول إن الأمير محمد بن سلمان يقوم من دون شك بدور كبير جداً، في محاولة تخفيف تبعات الأزمة الأوكرانية على دول المنطقة، وإيجاد مداخل لوساطة قد تفضي إلى الحل الذي يبحث عنه العالم لهذه الأزمة الخطيرة.


ويبدو بوضوح أن من أهم معالم دبلوماسية الرياض النشطة الحفاظ على علاقات السعودية مع جميع القوى الإقليمية والدولية، انطلاقاً من الاحترام المتبادل وتعزيز التعاون وتنسيق المواقف ومدّ الجسور لما فيه مصلحة الشعوب.

ولا شك أن مشاورات الأمير محمد بن سلمان مع قادة دول المنطقة ستسفر عن تعزيز تحالفات قوية ضد سياسات الزعزعة والتدخلات في شؤون البلدان العربية.

وعلى رغم أهمية محطتي الجولة الأوليين -القاهرة وعمّان- فإن زيارة الأمير محمد بن سلمان لتركيا كانت دليلاً على مدى إدراك الرياض وأنقرة أن ما يجمع بينهما أكثر مما يفرّق، خصوصاً في ظل تاريخ طويل من العلاقات الثنائية على مرّ العقود.

الأكيد أن جولة ولي العهد كانت «ناجحة جداً»، والتغطيات الإعلامية الواسعة تؤكد مدى أهمية جولته وثقل حضوره وحنكة سياسات بلاده في الإقليم والعالم، وستظهر نتائج هذه الجولة خلال قمة 6+3+1 التي ستستضيفها السعودية يومي 15 و16 (يوليو) القادم، كما تؤكد عمق الدور السعودي القيادي والريادي في العالمين العربي والإسلامي، إذ إن الرياض عاصمة عالمية مؤثرة وركيزة أساسية في استقرار شعوب الإقليم وأمن العالم.