-A +A
عبده خال
العلاقة المتواشجة بين الرواية والسينما، هي علاقة لا تفصل بواسطة نص حاد، يجزم باختلاف العالمين حينما يتجسدان في عالم واحد.

واستطيع تشبيه امتزاج الرواية بالسينما بامتزاج الماء بالماء، إذ يصبح من الصعوبة الفصل بين سائلين اجتمعا في إناء واحد، وأصبحت سيولتهما لها ذات المواصفات، فالحكم عليهما يتولد من الأثر الناتج عن امتزاجهما.


والفيلم المتولد من رواية أدبية يكتسب خاصية جديدة، ومع ذلك فإن أغلبنا يتورط في الحكم على المنتج النهائي بعد امتزاج الرواية بالفيلم، فنجد حواراتنا تميل إلى صيغ التفضيل، حين يقول أحدنا: أحببت الرواية أكثر من حبي للفيلم، أو يقول آخر: أحببت الفيلم أكثر من الرواية.. فالرأيان جانبهما الصواب، فكلاهما عبر عن حالة انفصال العالمين قبل اجتماعهما في إناء واحد، والأصوب أن يكون الحكم ملما بالفوارق قبل الامتزاج، وبعد الامتزاج، فالرواية عالم خاص فردي (الروائي بذاته)، والفيلم عالم جمعي تشارك في صناعته عدة عقول: (كاتب السيناريو، والمخرج، والممثلون، والتصوير، والموسيقى، وبقية الإكسسوارات)، والتقاء العالم الفردي مع الجمعي بالضرورة أن يكون الحكم محيطا بفوارق العالمين، ليكون الحكم منصبا على المنتج الأخير.

وإذا انتقلنا إلى حالة سينمائية أخرى تتمثل في اختيار النص الروائي لأن يكون فيلما ناجحا، تظهر معضلة أخرى: هل الرواية الجيدة أو الرديئة تعطينا فيلما ناجحا؟

وهنا يفترق صناع السينما في الاختيار، إذ يرى البعض أن الرواية المتواضعة فنيا أكثر نجاحا من الرواية المستوفية للشروط الإبداعية الراقية.

وأرى أن هذا الافتراق ينشأ من خلال كاتب السيناريو أو المخرج، فاختيارهما للنص المتواضع يمنحهما فرصة إحياء إبداعهما، بحيث يستطيع الواحد منهما أن يصنع (من الفسيخ شربيت)!

بينما النص الروائي ذو القمة الإبداعية العالية يكون صعب المراس عليهما، ويحتاج إلى كاتب سيناريو أو مخرج مبدعين يضيفين لإبداع الرواية إبداعا خلابا يحقق جماليات متقدمة لدى المشاهد في حالة الاستمتاع، كما يحقق إضافة للسينما كمنتج قفز بتلك الصناعة لمرتبة أعلى.

واعتقد أن رداءة الرواية أو جودتها هي التي تحدد رداءة أو جودة من يختارهما سواء كان كاتبا لسيناريو أو كان مخرجا.