-A +A
علي محمد الحازمي
مجلس الوزراء يقر استحداث بند البحث العلمي ضمن ميزانية وزارة التعليم للعام المالي الحالي 2022، يخصص الصرف منه لبرنامج التمويل المؤسسي لدعم البحث العلمي والتطوير بالجامعات. تُظهر المملكة بوضوح أن البحث والابتكار محركات رئيسية للانتعاش المستدام والشامل، مما يعزز مرونة قطاعات الإنتاج لدينا، والقدرة التنافسية لاقتصادنا وتحول أنظمتنا الاجتماعية والاقتصادية. في ظل التحديات الحاصلة الآن، التي تلوح في الأفق من كل جانب، تصبح الاستثمارات القوية في البحث العالمي والابتكار ضرورة لا غنى عنها.

عندما ضُربت العاصمة الإيطالية روما، صاح المسؤولون في وجه رئيس الوزراء: لقد ضربت روما، فرد بهدوء: هل ضربت الجامعات؟ أجابوه بالنفي، فقال: «إذن روما بخير». الحقيقة التي يعرفها الجميع منذ القدم أن الجامعات هي السبب الحقيقي في نهضة الأمم. من يتتبع التاريخ يعرف أن الحضارة الإسلامية واليونانية والرومانية كانت قائمة على علماء تلك الحضارات واهتمامه بالبحث العلمي بكل مكوناته.


في العصر الحاضر، تُولي العديد من الدول العالمية اهتماما بالبحث العلمي والابتكار، وهذا بدوره انعكس بشكل إيجابي على نهضتها الاقتصادية. وهذا ما نلاحظه من خلال تربع تلك الدول على عرش أكبر الاقتصادات العالمية، وهذا يتوافق مع العديد من الدراسات التي أثبتت -بما لا يدع مجالا للشك- أن هناك علاقة إيجابية بين ما تنفقه الحكومات على البحث العلمي والابتكار وناتجها الإجمالي المحلي ومتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، حيث إنه كلما زاد الإنفاق على البحث العالمي والابتكار زاد معها الناتج الإجمالي المحلي ومتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. فمثلاً تنفق الولايات المتحدة الأمريكية والصين وألمانيا والهند وفرنسا وبريطانيا وكوريا الجنوبية في المتوسط 3% من ناتجها المحلي على البحث العلمي والابتكار.

وبعد كل هذا الدعم اللامحدود من الدولة؛ على جامعتنا على وجه العموم والأكاديميين على وجهه الخصوص، فلا بد أن يكونوا على قدر كافٍ من المسؤولية فيما يخص البحث العلمي والابتكار، ويعلموا أن البحث العلمي جزء لا يتجزأ من الرسالة الأكاديمية. الاستعانة بالخبرات العالمية في البحث العلمي أمر شائع بين الجامعات العالمية، ولكن التعاقد مع بعض العلماء حول العالم فقط من أجل استغلال أسمائهم في القفز في التصنيف العالمي، هذا يتنافى مع أخلاقيات البحث العالمي. على وزارة التعليم أن تشدد الرقابة على الأموال التي تذهب إلى مشاريع البحث العالمي، فمشروع سيارة غزال الذي كلف الملايين لم يغب عن أذهاننا إلى هذه اللحظة. ولا ننسى أيضاً أحد المراكز البحثية التابعة لإحدى الجامعات عندما صرح مدير تلك الجامعة أن الفريق البحثي تمكن من عزل فايروس كورونا المستجد تمهيداً لتطوير لقاح له وبعد ذلك لم نسمع لهم «حس ولا خبر».