-A +A
عقل العقل
في الآونة الأخيرة حدثت موجة وطفرة في كثير من الأسعار في سوقنا المحلي وخاصة في المواد الاستهلاكية الضرورية، كثير من المستهلكين أصبح همهم الأول هو عمل مقارنات بين أسعار طبق البيض في السوق المحلي مقارنة بأسعار نفس المنتج في دول مجاورة خليجية، وهذه باعتقادي مقارنة غير عادلة، فبعض تلك الدول شعوبها مجتمعة لا تصل إلى عدد سكان حي من أحياء العاصمة الرياض مثلاً، وتلك الدول لديها دعم شبه مجاني وبطاقات تموينية لمواطنيها فقط خاص بالسلع التموينية، وهذا التنظيم لا يمكن تطبيقه بدولة مثل المملكة من حيث ضخامة البلد سكانياً وجغرافياً، لكن هذا لا يعني ترك الأمور في تسعير المواد الغذائية وغيرها بيد التجار فقط، وزارة التجارة هي الجهة المسؤولة مباشرة عن الأسعار وعلى الأقل التصريح والتوضيح للرأي العام المحلي لمعرفة أسباب الارتفاع المفاجئ في أسعار السلع التي في بعض الأحيان أصبحت أسعارها تساوي ضعف سعرها الأول، ويبدو أن وزارة التجارة هي وزارة للتجار وليس للمستهلكين، وهؤلاء ليس لهم وزارة أو جهة رسمية تدافع عن حقوقهم، أما جمعية حماية المستهلك فهي تعمل بجد واجتهاد في الرصد والمتابعة والمقارنة وخرجت علينا بإحصائية تذكر فيها أن 80 سلعة من 89 سلعة قد ارتفعت أسعارها بين أبريل 2021 وأبريل من هذا العام، وأوضحت أنها لا تملك أي سلطة تشريعية أو رقابية تخولها باتخاذ أي قرارات تتعلق بالأسعار، الجمعية مشكورة تقول إن المستهلك لديه القوة في الحد من هذا الارتفاع عن طريق تكاتف المستهلكين من خلال مقارنة الأسعار والبعض عن البدائل المتاحة في السوق التي تنشر الجمعية بعض الخيارات والمقارنات على موقعها الإلكتروني، أقدر في جمعية حماية المستهلك هذه الشفافية والصراحة في دورها في الحد من ارتفاع الأسعار، البعض وخاصة في مواقع التواصل للأسف يدعون لأسلوب المقاطعة، وهذا باعتقادي أسلوب غير وطني، وهدفه في الأساس ليس له علاقة بارتفاع أسعار الدجاج والبيض، بل هو تشويش سياسي بامتياز، فهؤلاء فاشلون في المقاطعة التي يدعونها ضد منتجات دول لأسباب سياسية أو دينية فحملاتهم تسقط وتنتهي دون أية تأثيرات حقيقة في الواقع.

الأكيد أن منظومة الأسعار في البضائع والخدمات لدينا تحتاج ضبطاً ومراقبة شديدة تحمي المستهلك ولا تضر التاجر، نعم السوق السعودي سوق مفتوح وحر اقتصادياً والمنافسة فيه مشروعة ويوجد فيه خيارات متعددة من حيث مستويات الجودة وتفاوت الأسعار، وهناك تنوع في المنتجات منها المستورد والمحلي، ويمكن في ظل هذه الظروف الاستثمار في المشاريع التنموية الصغيرة والمتوسطة وخاصة ما له علاقة بالغذاء والمنافسة مع البضائع المستوردة، مثلاً تكلم الكثير عن تفاوت أسعار الدواء لدينا وفي دول مجاورة، ولجأ الكثير منا للاستفادة من المواقع الإلكترونية لشراء الدواء من الخارج بأسعار تنافسية، أسعار السيارات التي أثيرت مؤخراً أسعارها مرتفعة بنسب ليست بسيطة مقارنة بدول خليجية مشابهة لسوقنا المحلية، الوضع لم يتغير ووزارة التجارة لم تقم بالدور الفاعل والمؤثر في كبح هذه التناقضات بالأسعار وقد نكون مخطئين ونحمّلها أكثر مما تحتمل، شخصياً أميل إلى أن الفرد المستهلك له دور فاعل في العملية الاستهلاكية فمن يقرأ إحصائيات الغذاء المهدر من المواد الغذائية من رز وخبز وغير ذلك يصاب بالدوار، فكيف بهذا المجتمع الذي يشتكي من رفع سعر الدجاجة أو طبق البيض يهدر ملايين الأطنان من المواد الغذائية كما ذكر ذلك مدير برنامج الحد من الهدر في الغذاء في السعودية زيد الشبانات لقناة الإخبارية في مقابلة سابقة هذا العام، أن قيمة الهدر الغذائي في المملكة تتجاوز 40 مليار ريال سنوياً.


أتمنى أن تكون هناك التفاتة جادة للحد من ارتفاعات المفاجئة بالأسعار وخاصة ما له علاقة بالغذاء الأساسي والدواء، وأن تكون هناك جهة لديها صلاحية مباشرة في مراجعة الأسعار دون ضرر للتجار والمستهلكين، إضافة الى تخفيض نسب الضريبة على بعض المواد الأساسية أو حتى أن تعفى من الضرائب بشكل كامل.