-A +A
علي محمد الحازمي
رفع الفيدرالي الأمريكي معدلات الفائدة بمقدر نصف نقطة للمرة الأولى منذ أكثر من 20 عاماً، وفي ذات الوقت توعد أن هذا الرفع مستمر حتى تهدأ معدلات التضخم التي تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يعتبر منعطفاً حَاداً في السياسات النقدية التي يتبعها الفيدرالي. خطت معظم البنوك المركزية الخليجية خطى الفيدرالي ورفعت هي كذلك معدلات الفائدة لحماية ربط عملاتهم بالدولار الأمريكي. البعض يتساءل عن مدى تأثير استمرارية الفيدرالي في رفع نسب الفائدة على معدلات النمو الاقتصادي في دول الخليج، على الرغم من أن ضغوط الأسعار في منطقة الخليج ليست بذات القسوة كما هو الحال في الولايات المتحدة، حيث بلغ التضخم هناك أعلى مستوياته منذ أربعة عقود.

هذه التساؤلات تعتبر منطقية جداً، لأن القضية ليست في رفع معدلات الفائدة الأخيرة، ولكن استمراريتها لحقبة من الزمن التي من الممكن أن تشكل ضغوطاً كبيرة على معدلات النمو الاقتصادية للدول الخليجية. تفيد النظريات الاقتصادية أن رفع معدلات الفائدة هي إحدى أدوات السياسات النقدية الانكماشية التي تمارسها البنوك المركزية للسيطرة على التضخم، ولها تأثير مباشر على انخفاض جانب الطلب من المستهلكين، وأيضاً انخفاض جانب العرض من المستثمرين، لأن أسعار الفائدة المرتفعة تعني تكاليف اقتراض أعلى لكل من المستهلكين والمستثمرين، حيث سيبدأ قطاع الأعمال والناس في النهاية في إنفاق أقل، مما يقود إلى انخفاض جانبي الطلب والعرض.


ربما ننظر لهذا الأمر من جانب آخر أكثر تفاؤلية. لا بد من العلم أن الهيكل الاقتصادي للدول الخليجية يختلف تماماً عن الهيكل لاقتصادي للدول الأوروبية وأمريكا، حيث يعتمد النمو الاقتصادي في الدول الخليجية على الإنفاق الحكومي وفوائض ميزان المدفوعات من الصادرات النفطية، وهذا يختلف عما هي عليه الدول الغربية حيث يعتمد نموها الاقتصادي على الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل ثلثي النمو الاقتصادي. ففي الوضع الحالي نلاحظ أن أسعار النفط لم تنزل عن مستويات 100 دولار منذ فبراير من هذا العام، وهذا يعطي تطمينات لقطاع الأعمال والمستهلكين أن حكومات الخليج ما زال لديها مخرج آخر لتدعيم معدلات النمو الاقتصادية؛ وهو اللجوء إلى السياسات المالية التوسعية من خلال زيادة الإنفاق الحكومي من عوائد النفط العالية بهدف امتصاص تأثير زيادة تكاليف الاقتراض.