-A +A
مي خالد
أتأمل تلك الليالي الصعبة التي يقضيها أحدنا في مرحلة معينة من حياته حيث تجلو أحداث الأيام وصروف الدهر روحه وتصقلها.

هي رحلة تغيير تصيب جميع البشر بنسب متفاوتة بعضنا ينجو منها ويصبح قلبه قنديلا يكاد زيته يضيء لو لم تمسسه نار، والبعض الآخر تعطب روحه للأبد ويكسوها السواد حتى يموت.


يتحدث الناس قليلا عن تجربتهم الذاتية في تلك الليالي، لكنهم باستمرار يتناولون موضوع التغيير والتطوير ربما بسبب ما أحدثته هذه الرحلة وتلك الليالي من صدمة لم يفهموا كنهها حقا.

يمكن أن نجعل ليالي التغيير في حياتنا وحياة الآخرين أقل كلفة وأكثر سلاسة بالنظر لعالم الحيوان، لوجود أوجه تشابه، فبالنسبة لبعض المخلوقات، يمكن أن يكون التحول بسيطًا مثلما يزيل الثعبان جلده، تنزع الثعابين طبقة كاملة من جلدها دفعة واحدة بعكسنا نحن البشر الذين نفقد من خلايا جلدنا أكثر من ثلاثين ألف خلية كل دقيقة دون أن نشعر، بينما في عالم الأفاعي هناك علامات تسبق حدوث هذا التغيير حيث تتحول عيون الثعابين التي توشك أن تتساقط جلودها إلى لون مزرق غائم مؤقتًا. ويميل لون البطن للوردي وتتغير عادات الثعابين فتفقد شهيتها تدريجيا حتى تتوقف عن الأكل تماما وتصبح أكثر توترا ودفاعية.

في هذه الرحلة تغير الثعابين عاداتها ولونها وطبيعتها فابحث عن هذه العلامات لدى من حولك لتساندهم.

تجدهم على غير طبيعتهم ويشعرون بعدم الأمان ودفاعيين قليلا.

لكن بعض البشر رحلة تغييرهم أشد قسوة وأعمق، فرحلة تحولهم تشبه تحول الشرنقة إلى فراشة. تفقس اليرقة من البيضة وتحشو نفسها بالأوراق حتى تسمن ثم تتوقف اليرقة عن الأكل وتتدلى من الغصن وقد بنت حول نفسها شرنقة.

داخل الشرنقة تبدأ أغرب رحلة تغيير حيث تذوب اليرقة في سائل حمضي يذيب أنسجة اليرقة وستنجو خلايا محددة تسمى أقراصا ويشكل كل قرص عضوا في جسد الفراشة (قرص للعيون وآخر للأجنحة وآخر للأرجل...). هذا التحول السحري يسير بخطى صعبة.

هذه العملية مؤلمة وتشعر بأن كل ما هو أنت تقريبًا يمر بتدمير بطيء وشبه كامل. ثم بعد ذلك، تبدأ عملية إعادة البناء المذهلة بوتيرة لا تصدق. وسيمكنك أن تحلق بعدها في السماء مثل الفراشات الملونة.