-A +A
أريج الجهني
طرح المحامي الموقر عبدالرحمن اللاحم سؤالا تاريخيا عبر حسابه الشخصي في تويتر حيث قال: «ما هو السند التجريمي لما يسمى بالتخبيب؟»، وأوضح أن القاعدة الجنائية تنص على أنه (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص). وقبل عام أيضا أشار لذات المسألة، وقال «لا بد من مراجعة بعض الجرائم التي لا سند تجريميا لها». لماذا اخترت أن أبدأ بالمعالجة القانونية للمحامي الخبير؟ لأن حديث المختص يقدم على حديث المهتم أو حتى المتهم. لماذا وصلنا إلى هنا؟ لماذا أصبحنا نسمع قصص التخبيب؟ ولماذا أصلا يعتبر «رأي شخصي» جريمة موجبة للعقوبة وغالبا من طلبه هو ذات الشخص (المتخبب) ليخبخب صحة وعافية من حوله. يا لها من (خبخبة) فبعد أن كانت تسميه (الطبطبة) ذهبت لتشكو لصديقاتها الجدعات المسكينات واللاتي نصحنها شفقة عليها ثم انقلبت عليهن.

كتبت العديد من المقالات عن (تشوه) العلاقات في مجتمعنا، وانغماس الكثير من الجنسين بعلاقات هامشية وارتفاع الشهوة بالاستحواذ العاطفي والجسدي والمعنوي فاختلط الحابل بالنابل ووجدت النساء أنهن أمام تنافس لا ينتهي، ووجد الرجال أن الأبواب مفتوحة ومن لم يردعه دينه أو قيمه تساهل في (تحويش) وجمع أكبر قدر ممكن من (الحبيبات) حتى تأتي زوجته المسكينة وتجد إحداهن فتسحبها لباب المحكمة وتتحول من حبيبة لخبيبة وهكذا. نعم ما أقوله ليس من باب السخرية إنما الواقع مزرٍ ما بين جنون وهوس وانفلات من جهة وما بين ضبابية مشاعر وتخمة. وسأورد على عجالة ثلاث رسائل لشلة المخببين.


رسالتي للمتخببة أعانك الله في مصيبتك في صديقتك وفي شريكك، لا بأس لكن أعيدي النظر في طريقتك في طرح مشكلاتك ولا تجعلي محبة من حولك سببا لأن تبوحي بكل أسرارك وتفاصيل علاقتك. الغموض مهارة والصمت أيضا مهارة. حالتك الشعورية أنتِ وحدك المسؤولة عنها ولا أظن أن هذا القانون سيستمر مستقبلا، فكوني مستعدة لتحمل مسؤولية قراراتك الشخصية وليس صديقتك ولا مديرتك ولا حتى مشهورة السناب أو مؤثرة تويتر أو حتى طفلة في التيك التوك، انضجي أو لا ترتبطي وتنجبي حتى تتأكدي من أنك مستقلة في رأيك كي لا يصبح شكلك مخجلا وأنتِ ندمانة بعد فوات الأوان.

أما رسالتي للمخببة فهي اتقي الله يا أختي وتوقفي الآن وفورا عن التعاطف والرحمة للشكايات البكايات، وإذا أتت إليك بعين مفقوءة اقترحي أن تعود لبيتها بكل حال وتفقأ عينها الثانية فكله ولا الطلاق!. بكل حال اغلقي جوالك وغيّري رقم هاتفك إذا ابتلاك الله بالنواحات والمتحلطمات. ماذا أفعل شخصيا مع هذه الفئة؟ اجهز رقم طبيب نفسي للطوارئ أو مدربة واطلب من «المسيكينة المظيليمة» أن تهاتفهم. بالتأكيد سترفض لأنها من ناحية عملية هي تحب زوجها وقد تقول لك هذه القصص فقط لتجعله قبيحا في عينك فلا تفكري فيه لا سمح الله. نعم فهذا النمط العبيط من (الحريم) لا يزال موجودا، وأقول حريم لأن المرأة الواثقة لا تشعر بالتهديد ولا تخون صديقاتها وتدمر علاقاتها الاجتماعية عشان خاطر (رجال).

أخيرا وليس آخرا رسالتي للمخبب عليه أو لأجله أنت الكسبان في كل الحالات؛ فإن خلعتك المتخببة فأنت فارقت امرأة إمعة لا رأي لها وليست بجديرة بالشراكة الزوجية، وإن غارت من صديقاتها ستجتهد ربما لترضيك رغم أن رؤيتي لهذه الفئة في مجتمع النساء تقول إن بالغالب من تنشغل بعيوب زوجها والتنبيش وراه والتفتيش في الشاردة والواردة غالبا ما تكون مهملة لعقلها ومظهرها بل حتى إن بدت أنيقة خارجيا تجد أن روحها مبهدلة وأنفاسها سريعة، فهي لا تستطيع أن تحبك، هي تريد أن تجد ما يؤكد شكها فيك، ولعل المجتمع شجع وساعد في تشويه سمعة الرجال لسنوات، اليوم لك الحق أن تضع شروطك أنت أيضا وتتحدث بوضوح لمن تختارها أمّا لأطفالك عما تحب وعما تكره بل لا تتردد في منع الزائرات المخربات ومن يخببن هذه الضعيفة التي لا ترى كرمك ومحاسنك وتكتفي بأقل همسة شاردة من شلتها.

أختم بأن الكتابة عن التخبيب ضرورة وفهم الدور الاجتماعي لكل من الزوج والزوجة يقلص الفجوة في الفهم، ونحن للأسف لا نوجه الفتيات والشباب لكيفية بناء العلاقات الصحية أو حتى طرح نماذج صحية وجميلة، التخبيب أو حشو القلوب بالكراهية ممارسة دنيئة لكن بلا شك لا أرى أنها ترتقي للجريمة، بل الجريمة هي قلة الوعي والتخاذل في رفع الوعي الأسري وتخاذل الجهات المناط بها تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمقبلين على الزواج، والحمد لله على كل حال.