-A +A
وفاء الرشيد
هل دخلنا مرحلة الحسم في الموضوع اليمني بعد وقف التحالف العربي عملياته العسكرية، ومع بدء المشاورات في الرياض بين الفرقاء اليمنيين؟ وهل الحل الوحيد أمام الرياض، الذي تتبعه اليوم، هو زيادة الضغط العسكري على الحوثيين من خلال تكثيف الهجمات وزيادة الدعم للقوى المحلية لإجبار الحوثي للجلوس على الطاولة؟

للإجابة عن هذا السؤال، لا بد أن نوضح أن العمليات العسكرية التي استوجبها في الأصل الدفاع عن النظام الشرعي وتجنيب البلاد التفكك والانهيار حققت أهدافها الأساسية رغم استمرار الخطر الحوثي، وقد يقول لي البعض إن الأخطاء كانت حاضرة في هذه الحرب، ولكن دعونا لا ننسى أنه لا يوجد حروب بلا أخطاء خاصة إن كان خصمك غير تقليدي وعدوا عقائديا شرسا لا يمكن الوثوق به أو التعامل معه.


اليوم تم إنقاذ الشرعية اليمنية وضمان استمرار الدولة ومؤسساتها والوقوف ضد التدخل الخارجي الذي كان يهدف إلى بسط الهيمنة على هذا البلد المحوري في النظام الإقليمي العربي، ومن هنا ندرك أن العمليات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت المدن السعودية والإماراتية والمواقع المدنية والاقتصادية والنفطية فيهما لم تكن دليل تنامي قوة الجماعات الحوثية المتمردة كما يعتقد البعض بقدر ما هي مؤشر على تراجعها ويأسها من تحقيق هدفها الأصلي الذي هو السيطرة على كامل الإقليم اليمني.

منذ البداية كان الغرض الأساس للسعودية هو صد العدوان الذي يستهدفها في أخطر منافذ أمنها الإقليمي، وقد نجحت في هذا المبتغى بصورة لا لبس فيها ولا جدل، فمن المعروف أن العدوان الحوثي ظهر في فترة عارمة من الاضطراب والفوضى تمددت فيها الأذرع الإيرانية في قلب العالم العربي وأصبحت تتحكم بالفعل في عدد من عواصمنا العربية؛ ولذا كان التدخل العسكري لا مناص منه.

وقد راعى هذا التدخل شروطاً أربعة أساسية قد تكون لها يد كبيرة بإطالة الحرب، وهي:

أولاً: التأقلم الصريح مع الشرعية اليمنية بالدفاع عن الحكومة التي انتخبها الشعب اليمني، مع الدفاع المستميت عن وحدة اليمن واستمرار الدولة.

ثانياً: الصدور عن الشرعية العربية والدولية وفق قرارات جامعة الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة، بحيث كانت إستراتيجية التدخل العسكري مندرجة في منطق حفظ السلم في المنطقة وبحسب معايير الحرب الدفاعية الشرعية.

ثالثاً: الحرص على تجنيب المدنيين شرور الحرب وويلاتها، ولو اقتضى الحال تحمل العدوان والرضوخ لإكراهات الحرب في المناطق المدنية. وكما قال من قبل سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من السهل على القوات السعودية حسم حرب صنعاء في مدة وجيزة، لكن الثمن البشري سيكون عندئذ باهظاً، وذلك ما تجنبته فعلاً قوات التحالف العربي بما أطال فترة الحرب.

رابعاً: الحفاظ على مسار الحوار السياسي دون إقصاء أي طرف يمني، ولو كانت الجماعات الحوثية نفسها التي دعيت لجلسات الحوار الداخلي اليمني الذي شارك فيه 90% من أطراف الطيف السياسي اليمني ومنهم أطراف معادية.

لقد طال الصراع الداخلي اليمني نعم، ولكننا نحن وحلفاؤنا لم ولن نبخل في محاولة مساعدة الشعب اليمني على الحفاظ على كيانه السياسي وشرعيته الداخلية والدفاع عن أمنه الحيوي وأمننا الإقليمي.

إنقاذ اليمن اليوم لم يعد خياراً، بل هو الشرط الأساسي والأول لانطلاقة قوية للمجموعة الخليجية في سياق إقليمي ودولي متفجر وخطير.