-A +A
بدر بن سعود
جرت العادة أن يتم تخفيض ساعات العمل في رمضان ما بين خمس وست ساعات، وهذا يشمل القطاعين العام والخاص، ورغم أن القرار الموسمي يحاول الانسجام مع متطلبات الشهر الكريم، إلا أن الإنتاجية في رمضـان تتراجع بصـورة واضحة، وحياة الناس النشطة لا تبدأ إلا قبل الإفطـار بساعة أو ساعتين، ولعلها فرصة مناسبة للتفكير في أتمتة الوظائف والأخذ بأسلوب العمل المرن، واستناداً لإحصاءات المنتدى الاقتصادي الدولي، فمـا يزيد على 40% من الوظائف في المملكة قابل للأتمتة، بالإضافة إلى أن العمل المرن لا يقيد بزمان أو مكان، ويقيس أداء الموظف بالإنتاجية، وبتحقيق الأهداف والمهام المطلوبة في المـوعد المحدد.

كما أن أنماط العمل المرن توازن بين الحياة الشخصية والوظيفية، وتسهم في خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن النشاط البشري، وتحيد الأزمات الصحية الخطيرة، ومعها الازدحامات المرورية التي تحدث نتيجة لمواعيد الدوام التقليـدية، وملوثات الهواء، بحسب الإحصاءات الأممية، مسؤولة عن وفاة سبعة ملايين شخص في العالم كل عام.


من يطالبون بخفض ساعات العمل لديهم مبررات معقولة، من بينها أن لا يكلف من يقل راتبه عن ثمانية آلاف ريال بالعمل لأكثر من 30 ساعة في الأسبوع، وبما يمكنه من البحث عن عمل إضــافي لتحسين دخله، وهناك اقتراح لتعديل المادة 98 من نظام العمل السعودي، وخفض ساعات العمل في القطاع الخاص من 48 إلى 40 في الأسبوع، وقد تمت الموافقة عليه بالأغلبية في وقت سابق بمعرفة مجلس الشورى، والتنظيم المعمول به أقرته منظمة العمل الدولية قبل حوالى مئة عام.

متوسط ساعات العمل الأسبوعية في المنطقة العربية يصل إلى 46 ساعة، في مقابل 37 ساعة للدول الأوروبية، وقدرت الأبحاث بأن ساعات العمل الفعلية في الوظائف المكتبية لا تتجاوز 3 ساعات لكل 8 ساعات عمل، وبالتالي فالموظف المكتبي السعودي لا يعمـل أكثر من 15 ساعة في الأسبوع والبقية أوقات مهدرة، وبعض الموظفين في القطاعين العام والخاص، لا يؤثر فيهم تقليص أو زيادة ساعات العمل، ووظائفهم من الأساس تمثل فائضاً على الهيكل الإداري، والأنسب أن تعمل وزارة الموارد البشرية على حوكمة الهياكل الإدارية، واعتماد الوصف الوظيفي لكل وظيفة، وبما يحيد وجود وظائف شكلية تستغل لأغراض شخصية أو مصلحية.

إستراتيجيـة سوق العمل الجديدة تحاول إجراء إصلاحات جذرية، وبطريقة تزيد من الاعتماد على السعوديين، وتحقق لهم فرص عمل منتجة وحياة كريمة، وقد نجحت بعض الدول الأوروبية المهمة ومعها اليابان، في تجربة تقليص العمل لأربعة أيام في الأسبوع وبمعدل 32 ساعة، وأعتقد أن التجربة تستحق الدراسة، مع مراعاة أن بعض الوظائف قد يترتب على تقليص ساعاتهـا تكاليف إضافية، وفي هذه الحالة، يمكن العمل على تطوير نموذج لأسلوب العمل المرن والأتمتة وفق مستهدفات رؤية 2030.