-A +A
منى العتيبي
كتبتُ سابقاً عن ضرورة النظر في أحوال الأسرة؛ لأنها المكون الأساسي لاستقرار المجتمع وحركة التطور التي تحدث به؛ لذلك أي إصلاح وتطوير لا يبدأ إلا بإصلاح شؤون الأسرة، وأولها الأمور الشائكة في العلاقات بين الزوجين من جهة، وبين الآباء والأبناء من جهة أخرى. وكلنا يعلم مدى المعاناة التي تعيشها الأسر في بلاط المحاكم، إذ نرى فيها بعض القضايا المعلقة تأخذ زمناً طويلاً دون حل، وبعضها يصل الحل معها إلى طريق مسدود يكون الضحية فيها الأبناء.

وسبب هذه المعاناة هو أن القضايا والأحكام الأسرية والزوجية لا تحمل هوية قضائية في الحكم، وتأتي القضايا المتشابهة منها متباينة في الحكم والمدة الزمنية أيضاً للحكم، وبعضها غير عادلة حالما تظل رهينة زوج متسلط؛ من أجل هذا جاء ‏نظام الأحوال الشخصية واضحاً محدداً وفق الشريعة الإسلامية، لا يخضع للاجتهاد ولا للمزاجية في الأحكام، وبشكل أدق سيعمل النظام على ضبط السلطة التقديرية للقاضي للحد من تباين الأحكام القضائية في هذا الشأن.


وقد أعجبني النظام في كونه قد جاء تفصيلياً يتناول أدق الأحكام التي تبدأ من موضوع النظرة الشرعية حتى راتب الزوجة، وبمناسبة هذا السياق أذكر قصة لإحداهن تقول إن زوجها يقتطع من راتبها 4 آلاف ريال شهرياً؛ وذلك عوضاً عن خروجها من البيت ساعات طوال لعملها. ويرى طرزان زمانه أن هذا حقٌّ شرعيٌّ له، وقامت المسكينة باستشارة محامٍ أشار عليها بأن الحق مع زوجها، وظلت لمدة عشر سنوات وربما أكثر تدفع هذا الحق غير المشروع له. وللأمانة هذا الطرزان يهون أمام زوج آخر يجبر زوجته على أن تعطيه بطاقتها البنكية بحجة أنها توظفت وهي على ذمته وتحت ولايته، ولولا موافقته لما تمكنت من الحصول على الوظيفة!

أخيراً.. القضايا الأسرية لن تنتهي، ولن تقف عند حدود النظام؛ لأن الأسرة جزء من مجتمع وسط عالم متغير، وقد تحدث وفقاً لذلك قضايا طارئة ودخيلة على الأسرة والمجتمع؛ من أجل هذا ينبغي أن يكون نظام الأحوال الشخصية نظاماً مرناً يمكنه التطور مع التطورات والتغييرات التي قد تحدث مستقبلاً لأحوال الأسرة.