-A +A
مي خالد
كان الجدري عذابًا للبشرية لأكثر من ثلاثة آلاف عام. في القرن العشرين وحده مات 500 مليون من هذا المرض اللعين.

تصور -عزيزي القارئ- أنه قبل 55 عامًا فقط، كان الجدري لا يزال موجودًا في 30 دولة وكان 15 مليون شخص يصابون بالمرض كل عام!


من بين هؤلاء يموت 2 مليون ويتشوه الباقون.

نتيجة لذلك في عام 1959م بدأت منظمة الصحة العالمية مبادرة لتخليص العالم من الجدري، لكن حملة الاستئصال العالمية كانت تفتقر إلى الأموال والموظفين، والأهم أنها كانت تفتقر للعدد الكافي من اللقاحات التي كانت تسمى في بعض الدول الخليجية (التينة)، وهي ضربات بالمشرط المغموس في سائل يحتوي على فايروس الجدري.

ولم تقابل حملة منظمة الصحة العالمية ذلك العام باهتمام من مختلف الدول ولم تحصل على الالتزام الكافي. وبسبب ذلك، كان الجدري لا يزال منتشرًا على نطاق واسع في عام 1966م، مما تسبب في تفشي المرض بشكل منتظم في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا.

لم يستسلم المجتمع الدولي وبدأ برنامج الاستئصال المكثف في عام 1967 بجهد كبير وحازم في جميع أنحاء العالم. تمكنت منظمة الصحة العالمية من إعلان خلو العالم من هذا المرض في 8 مايو 1980. وفيما يتعلق بالصحة العامة الدولية، يعتبر القضاء على الجدري نجاحًا بارزًا. نجح نهج عالمي موحد، ولم يعد الأطفال اليوم بحاجة حتى للتحصين ضد هذا المرض القاتل المروع. واختفت مشارط التينة من الوجود وللأبد.