-A +A
حسين شبكشي
يتابع كل مهتم بالشأن السعودي هذه الأيام الحراك الهائل والكبير الذي يشاهد في العاصمة السعودية الرياض ومدينة جدة، اللتين تستضيفان مناسبات ترفيهية فنية هائلة ورياضية عالمية كبرى، كان من نتاجها وصول الآلاف من السياح من خارج المملكة بأعداد مهمة بالإضافة للحراك الكبير من قبل المقيمين والمواطنين في التفاعل مع هذه المناسبات السياحية بامتياز. مما يعني أن السعودية بدأت بالفعل تتبوأ مكانة مهمة على خارطة المناسبات السياحية الترفيهية والرياضية بامتياز، وأصبحت رقما صعبا في خارطة هذه المناسبات العالمية. وهذا ينعكس بطبيعة الحال على الطموحات المأمولة والمتوقعة والمنطقية في أن تكون هذه القطاعات مصدر توظيف لآلاف الشباب والشابات، بالإضافة للملايين من الريالات بشكل مستدام ومتنام. ولعل الملاحظة المهمة، هي حماس الجيل الجديد للمشاركة في كافة هذه المجالات واعتبار ما يحدث بديلا حقيقيا عن السياحة في الخارج، وتفاعله بشكل إبداعي وإنتاجي وخدمي ملاحظ، وذلك عبر التعبير بأفكار متميزة خلاقة تساهم في تحسين البيئة الاستثمارية والبيئة الإنتاجية لهذه القطاعات الحيوية. ولكن لعلي أطرح هنا فكرة فيها نوع من التعويض للأجيال التي حرمت عبر ثلاثة عقود من الزمن من أن تكون لها حياة طبيعية كالتي يعيشها جيل الشباب اليوم. حياة سلبت من أبناء هذا البلد لأسباب لها علاقة بالخضوع للآراء المتطرفة والمتشددة والتي حرمت الناس من حق البسمة وحق المشاركة وحق التمتع بهذه الحياة، أن يكون لهذه الأجيال الحق في ارتياد هذه المناسبات بالمجان أو بثمن رمزي جدا، كما يفعل مع العديد من كبار السن والبالغين الراشدين في المجتمعات حول العالم. هذا أقل تعويض ممكن أن يقدم لمن حرموا حق الحياة الطبيعية في ظروف لم تكن طبيعية، كل أملهم أن يعوضوا على ما فقدوه من كرامة وحق العيش باحترام وهم يشاهدون بلادهم تنفتح وتعود الابتسامة إلى وجوه الشباب فيها.

تتيح هذه النوعية من المناسبات الاستثنائية، والتي تتنافس عليها الدول في سوق مفتوح شرس وشديد الأهمية، تتيح هذه المناسبات فرصة لصناعة صورة جديدة للشعوب والدول أمام سائر الدول الأخرى، بحيث تكون في تموضع أهم وأكثر جدارة لجذب الاستثمارات وتحقيق الإنجازات الاقتصادية، ورفع درجة النمو وتحقيق الأهداف الاقتصادية المرجوة.


المشهد الحالي في اقتصاد السياحة والترفيه والمناسبات الرياضية التنافسية، يظهر الفجوة التي حصلت بين جيلين في السعودية، فجوة كبيرة وهائلة. يجب أن لا تتكرر مجددا في المستقبل لأنها أحدثت شرخا بين الأجيال ولم تحقق النقلة الطبيعية التي تحصل في الدول. كل الأمل أن تتحول الأحلام الجميلة التي يعيشها السعوديون اليوم إلى حقائق ترفع من قدراتهم التنافسية وإمكانياتهم الاقتصادية، وتبقي الابتسامة على محياهم ليعيشوا حياة طبيعية مثلهم مثل سائر دول العالم، وقد يكون ذلك أكبر تعويض عن ظلاميات العقود الثلاثة الماضية.