-A +A
منى العتيبي
ينفق البعض مبالغ مالية، ويجهد نفسه من أجل التسجيل في دورات تدريبية تدلهم إلى طريق صناعة الكاريزما الخاصة بهم، والبعض يحاول جاهداً محاكاة الشخصية التي تشده ويستنسخها في نفسه ظاهريّاً، فتراه يسير على نهجها ويقلدها في كل شيء حتى في اهتماماتها، والبعض تجده يعيش عمره كله لاهثاً خلف مكانة اجتماعية أو منصب في عمله توهماً منه بأن هذا المكان سيمنحه الكاريزما التي ستصنع له المنزلة العالية والصيت المسموع بين الناس، وبالرغم من كل ذلك تجده لا يحصل على هذه الكاريزما.

وقبل أن ألج في لب موضوعي أشير إلى أن كلمة الكاريزما يعود معناها إلى أصولها اليونانية في الجاذبية وقوة الحضور وسحر التأثير على الآخرين، وجميعها تنصب في معنى «لفت الانتباه».


أعود لموضوعي وأقول إن الكاريزما ليست مطلباً مصطنعاً، ولا هي فكرة طارئة ولا فستان نرتديه، ولا معطف أنيق نتزين به، بل هي أمر طبيعي فطري، إذ نجد أن أصحاب الكاريزما الطبيعية شخصيات جاذبة وقيادية بالفطرة، وأينما حلت حل الانجذاب نحوها دون حول منها أو قوة، كما نجدها شخصية مثيرة للجدل وتكثر حولها الشائعات والتنافس لكسب رضاها سواء بالشكل الإيجابي أو السلبي، وبحضورها يحضر الشغف والإلهام؛ لأنه لديها قدرة عالية في توليد الأفكار الجديدة، ولا طاقة لها في مجاملة الأمور الهينة والروتينية، وغالباً نجد لديها المصداقية والشفافية في التعبير، كما أن لديها الثقة المتزنة بما تفعل؛ لأنها متمكنة من النتائج وعلى مسؤولية عالية من تحمل نجاح نتائجها أو فشلها، وهذه الصفات الكاريزمية لا يمكن الحصول عليها بالتدريب أو التقمص والتقليد.

وفي المقابل أصادف في يومي المعتاد عشرات الأصناف من الشخصيات ذات الكاريزما المستنسخة والمصطنعة، ونعرفها من حيث تقمصها لأدوار وشخصيات لا تمثلها ولا تمثل كينونتها التي صيرها الله لها، فتجد هذه الشخصيات تحاول جاهدة أن تكون ذات حضور قوي، وأن تكون ملهمة، وأن يكون لديها ذلك المغناطيس لتجذب به الآخرين وتفشل، تهدر الأموال وتقدم الهدايا والكلام «الحلو المعسول» وتفشل، تنفق الغالي والنفيس لحضور دورات الكاريزما وتفشل، تقيم المناسبات الاجتماعية؛ لكي تبني العلاقات وتفشل.. لماذا؟

لأنها بكل بساطة لم يهبها الله هذه الكاريزما المتعارف عليها، وتجاهلت مكمن الكاريزما التي فصلها الله لها ولم تكتشفها، وبالتالي أضاعت وقتها وجهدها في البحث عن المفقود وتقليد المحال.