-A +A
عبداللطيف الضويحي
قد تكون المناطق الحدودية طرفية من الناحية الجغرافية نسبة إلى مدن وحاضرة الداخل في كل دولة، لكن المناطق الحدودية أطراف عصبية للتنمية الوطنية، مثلما أنها مراكز عصبية بذاتها، ناهيك عن أن تلك المناطق منفذ حدودي ومعبر مع الدول المجاورة لها، وهذا يعطي كل منطقة ميزة نسبية وتنافسية تنفرد بها عن سائر المناطق.

لم تكن المناطق الحدودية في المملكة بعيدة عن التنمية، بل كانت دائما في محور الاهتمام الدائم وفي دائرة التخطيط، فكانت أول ما حظيت به توطين البادية وتمكين سكان تلك المناطق بالاحتياجات والخدمات الأساسية، لكن رؤية المملكة 2030 تعاطت بشكل مباشر مع كل منطقة من المناطق الثلاث عشرة بما لديها من إمكانات وميزات نسبية تنافسية ونسجت كل ذلك مع احتياجات المنطقة الإدارية من خلال مستهدفات الرؤية، وصولاً لكل إنسان أينما كان في هذه البلاد.


كانت أحدث مبادرة في هذا الصدد ما أعلنه سمو ولي العهد بإطلاقه مكاتب إستراتيجية لتطوير مناطق الباحة، الجوف، وجازان، ليكون كل واحد من هذه المكاتب نواةً لتأسيس هيئات تطوير مستقبلا لكل منطقة؛ بغية تعظيم الاستفادة من الميزات النسبية والتنافسية لكل منطقة، فضلا عن تطوير البيئة الاستثمارية لكل منطقة بحيث تكون جاذبة استثماريا، بما يعود على المواطن والوطن بالفرص الاجتماعية والاقتصادية التنموية والاستثمارية.

تمتد منطقة الحدود الشمالية امتداد الحدود السعودية - العراقية، فكانت هذه المنطقة إلى فترة قريبة حاضنة أطول أنابيب للنفط «خط التابلاين» الذي تناهز مسافته 1200كم، هذا الخط أصبح خارج خدمة نقل النفط منذ بضع سنوات.

سؤالي: لماذا لا تعاد الحياة لخط التابلاين ولمنطقة الحدود الشمالية من خلال ضخ المياه المحلاة من الخليج العربي؟ لماذا لا يستثمر هذا الخط بعد ترميم و صيانة ما يلزم، ليصبح ذراعاً تنفيذيةً وتطبيقاً عملياً لمبادرة السعودية الخضراء في نطاق منطقة الحدود الشمالية وجوارها؟

إنه من الهدر غير المبرر ترك خط التابلاين دون أن يُستثمر في نقل المياه المحلاة من الخليج العربي إلى منطقة الحدود بكافة أرجائها.

هناك جملة من الأسباب التي تجعلني أسوق هذا الاقتراح كمشروع: 1) منطقة الحدود الشمالية بحاجة ماسة للمياه، وتعاني شُحاً في مياه الأمطار، فضلاً عن معاناتها مع عمق المياه الجوفية، 2) تعد الثروة الحيوانية من أهم الموارد في منطقة الحدود الشمالية، وعلى هذا المنتج تقوم وتعتمد الكثير من اقتصادات المنطقة، فلماذا لا يتم تعزيز هذه الصناعة والتوسع بها لتمكين فئات المجتمع المختلفة والعاطلين عن العمل، بتوفير المياه، 3) إن إحياء خط التابلاين سيوفر مبالغ طائلة، فيما لو تم مد المياه المحلاة من الخليج العربي لمنطقة الحدود الشمالية، لأن طوله يناهز 1200كم على امتداد مساحة منطقة الحدود الشمالية، 4) لم تعد تحلية المياه مكلفة، كما كانت سابقا، إذا ما تم توظيف الطاقة البديلة في تغذية منطقة الحدود الشمالية بالمياه المحلاة، 5) إن إيصال المياه لمنطقة الحدود الشمالية يسهم بتحقيق مبادرة السعودية الخضراء سواء بزيادة الرقعة الخضراء أو بإقامة المسطحات المائية على امتداد الحدود العراقية السعودية وعلى امتداد جغرافية منطقة الحدود الشمالية، والحد من موجات الغبار. بالإضافة لإمكانية استثمار هذه المنطقة زراعياً بواسطة الأساليب الحديثة للزراعة والكفيلة بإقامة مئات المشروعات الزراعية، التي ستنعش اقتصاد هذه المنطقة وتعد مصدرا لدخل عشرات الأسر، وهذا يجعل المنطقة جاذبة للمستثمرين، والذين يرغبون بإقامة مصانعهم في منطقة الحدود الشمالية لتلبية احتياج السوق العراقية من المنتجات الوطنية السعودية الحالية والمستقبلية، فهذا المشروع يسهم بيئياً ومناخياً وزراعياً، بالإضافة إلى البعد السياحي في ما لو تم إقامة المسطحات المائية لتكون مقصداً سياحياً ولإقامة مختلف الرياضات المائية.