-A +A
أريج الجهني
لا يكاد يمر اجتماع أو محاضرة إلا وترى شخصا يقاطع المتحدث ويقفز على الاستنتاج النهائي دون أدنى تقدير للمتحدث. والأدهى حينما يكون الشخص ممن لديهم تلعثم أو رهاب اجتماعي أو حتى مزدوجي اللغة (وهم فئة تتزايد بشكل كبير جدا) ويأتي (أبو العريف أو الست فهيمة) ويحاولون ترجمة أفكارهم من منطلق (أنهم يفهمون النوايا)، فتجده يستعجل الشاب المتلعثم، أو تجد فهيمة تتسيد صدر المجلس لتكمل سالفة (أم أحمد) وتبهر سالفة (مرة خالد) وهكذا تتراكم العادات (الشفوية) وغير الموثقة في التاريخ الاجتماعي الإنساني المعاصر، أو من أسميهم باختصار (شلة الملاقيف).

لماذا اخترت أن أتحدث عنهم اليوم رغم انشغالي بالكثير من الأفكار والمشاهدات التي تستحق التوقف والانتباه؛ لأنني ببساطة شاهدت الكثير من الفتيات يعانين من الرهبة ويتعمدن الغياب عن الاجتماعات كي ينفذن من سليطات اللسان وحادات الأسنان. تطور السلوك النسوي كثيرا في العامين الأخيرين لكن لا تزال هناك سيدات يعشقن فكرة (الطمس) فلا تخجل من طمس صوت بناتها أو تغييب أفكارهن ولا تتردد بتشريبهن أن (الحرمة عدوة الحرمة)، وأن (الحريم) خبيثات ومعتلات وتجعل بناتها يخشين بنات جنسهن كخشية الذئب من الراعي، تشاهد سلوكيات (التجهم والوجوم) في التجمعات النسائية بكثرة وفي مناطق وأماكن معينة بدرجة أكبر من سواها؛ لأن الوعي لا يزال (هزيلا).


خليني أكمل كلامي؛ ولا تقفز للخاتمة، (أعيدوا حساباتكم) فكروا كيف يمكن أن تكون (الكلمات) علاجا لا علة، وكيف تنسحبون من حزب (الكلمنجية) وعشاق الهياط الاجتماعي. سهل جدا أن تتحدث عن المثاليات لكن أن تنتقد سلوكيات إنسانية بسيطة هو التحدي؛ فهذه السلوكيات مسكوت عنها ويخشون الأساتذة وإن كنت أحدهم على (برستيجهم) الأكاديمي والاجتماعي وصورتهم أمام فانزاتهم. بكل حال أخشى أن أصدمكم وأقول إن هناك شحا حادا ونقصا مريعا بالمخزون اللغوي (عدد المفردات) ليس لدى الصغار فقط بل حتى لدى الشباب والشابات، لدرجة أني احتاج ترجمة الكثير من المفردات العربية للإنجليزية لتصبح مفهومة لهم!.

أخيرا، وأتمنى ألا أكون أطلت (الكلام) عالجوا ألسنتكم بالقراءة وقوموها بالأدب وغذوا عقولكم بالبلاغة ولا مانع من استغلال موسم معرض الكتاب القادم لصرف ميزانية جيدة على كتب اللغة العربية التي أجد أن وجودها في المنازل وحث الناس على قراءتها واجب إنساني؛ فاللغة صانعة الهوية وما أصعب أن تصنع هويتك بلغة مضطربة لا تشبهك ولا تشبهها، وخففوا من حدة حماسكم حين سماعكم لشخص يتحدث بلسان متكسر ودعوه يكمل فكرته بأمان ولعلنا نحتاج لمبادرة كبرى بعنوان #خليني أكمل كلامي!.