-A +A
منى العتيبي
«كلنا نقدرك»، شعار جائزة أهالي جدة للمعلم المتميز، وهي مبادرة مجتمعية تنم عن تعظيم وتقدير منزلة المعلم ومكانته، يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد، ومسجلة باسم وقف الفلك التعليمية، أي أن رجال الأعمال والمساهمين لا يعود عليهم أي ربح مادي؛ بل هي خدمة ومبادرة تقدم من قبل رجال الأعمال للمعلمين والمعلمات الذين يقدمون مشاريع وتجارب تخدم الطلاب بشكل خاص والمجتمع والوطن كله بشكل عام وقد جرى خلالها تكريم 86 معلماً ومعلمة منذ انطلاقتها في عام 1434هـ.

المبادرة عظيمة الهدف، وتحقق غاياتها الإنسانية والعلمية من أجل بناء المواطن والوطن خاصةً أن منبعها الأهالي «المواطنون أنفسهم» وتتبناها جمعية جعلت جلّ عملها واهتمامها يتمثل في إطلاق واحتضان المبادرات المتميزة التي تحقق المسؤولية المجتمعية وتستهدف القيم النبيلة التي بدورها تساهم في بناء التنمية الاجتماعية.


لن أتحدث عن قيمة المعلم المحورية في بناء المجتمعات والإنسانية أجمع، بل سأتحدث عن قيمة مثل هذه الجوائز التي تبرهن عن مكنونات الناس في البذل والعطاء والاستفادة منها واستثمارها فيما يعود على المجتمع بالنفع والخير الكثير، هذا من جهة، ومن جهة أخرى مبادرتهم الفاعلة في الدعم لتقديم كل ما يخدم الأجيال ويسهم في بناء مستقبلهم وصناعته. إن مثل هذه الجائزة لها قيمتها المعنوية وليست المادية في السعي إلى تحقيق النماء الفكري والتميز المهني في المجال العلمي من خلال دعم معلم ومربي الأجيال.

وفي المقابل إن هذه المبادرات سترفع سقف الالتزام بالمسؤولية المجتمعية لدى الأفراد؛ حيث ستؤدي إلى بعث روح التعاون والترابط بين مختلف الأطراف، بين المواطن خارج المؤسسات وداخلها ويصبح الجميع يحمل على كتفيه مسؤولية البناء، كما ستؤدي هذه المسؤولية المجتمعية إلى تجاوب فعّال مع التطورات والمتغيرات الحاصلة في حاجات المجتمع، فمن خلال هذه المبادرة سيكون الأهالي شركاء المعلمين في دعم العملية التعليمية والعلمية، وسيتم عبرها بناء علاقة إيجابية بين الأبناء ومعلميهم تسعى لتعزيز رسالة المعلم السامية وتقدير دورهم الفاعل، وبذلك يختصرون الطريق إلى بلوغ الأهداف في إعداد الأجيال خير إعداد.

أيضاً في مشاركة الأهالي لهذا الدعم للمعلم المتميز خارج نطاق الوزارة ملمحٌ ثقافيٌّ جميلٌ جدّاً يمكّن وزارة الثقافة والوزارات المعنية من العناية به واستثماره بصناعة مبادرات تهتم بذلك، شريطة أن يكون هذا الدعم معنويّاً حتى لا تخرج من هذه البادرة الإنسانية الوطنية، وهذا الملمح الجميل يشير إلى مدى اهتمام أفراد المجتمع بالمجال العلمي واستشعارهم قيمته في بناء صنّاع المستقبل.