-A +A
سلطان الزايدي
إن التعاطف الكبير الذي حظي به النجم الجماهيري المعتزل خالد مسعد لم يكن مستغربًا على مجتمع إسلامي مترابط كالمجتمع السعودي، فالمشاركات الإنسانية السعودية تكاد تكون الأبرز من بين كل المجتمعات الإسلامية والعربية والعالمية، وكثير من المبادرات الإنسانية الكبيرة التي تقوم بها الحكومة السعودية تعكس مدى حرص هذا الشعب على الوصول إلى كل عمل فيه خير ودعم لكل المستضعفين حول العالم.

قصة خالد مسعد قد تكون قصةً إنسانيةً خاصةً، لها تفاصيل معينة يكمن بروزها وانتشارها بحكم جماهيرية هذا النجم الذي أفنى جزءًا كبيرًا من حياته في ميادين الكرة، سواء مع المنتخب السعودي أو مع ناديه الأهلي، وأي نجم يحظى بكل تلك الجماهير بعد اعتزاله سيعيش حياةً مختلفةً لم يعتد عليها، وسيتغير نظام حياته الذي اعتاد عليه، وربما سيشعر بالوحدة وقلة الاهتمام، وهذا أمر طبيعي، فحياة النجوم مرتبطة دائمًا بعطائهم، وحين يتوقف هذا العطاء ولا يجد هذا النجم طريقًا يكمل به حياته يمنحه ذات الوضع السابق قد تكون النتائج عكسيةً، ويبدأ في مرحلة جديدة تتسم بالسوء والهروب من واقعه المرير، ومن هنا يبدأ ناقوس الخطر يطرق حياته، ولن يستطيع أن يظهر نفسه في أي شيء يقدمه، طالما أن الإحساس بالاهتمام وبقيمة العمل الجديد الذي يقوم به لم يصل للمرحلة السابقة من حياته.


في واقع الأمر قصة خالد مسعد وما يحدث له منذ سنوات ليست هي الأولى ولن تكون الأخيرة، فهؤلاء النجوم يحتاجون الاهتمام، ولن يكون هذا الاهتمام بتقديم المساعدات لهم، سواء كانت ماديةً أو معنويةً، هم يحتاجون أن يبقى إحساسهم بأهميتهم وبدورهم في المجتمع ما زال مستمرًا بذات التوهج، لا يمكن أن يكون حجم الإدراك عند كل البشر بذات المقياس، وخصوصًا النجوم منهم، فهناك نجوم يسعون لتعويض ما قد يخسرونه من اهتمام في البحث عن تحدٍّ جديد، كأن يقرر إكمال حياته في البحث عن العلم، وأن يصبح أكاديميًا في مجاله أو في مجال مختلف وهم كثر، على سبيل المثال: حاتم خيمي وحمزة إدريس وغيرهما كثر.

وهناك من يجد أن استمراره في مجال كرة القدم قد انتهى بلحظة اعتزاله، ويبدأ بشقّ طريقه في مجال آخر، كأن يصبح رجل أعمال معتمدًا على ثروته التي جناها طوال تلك السنوات من كرة القدم، والبعض يكمل في ذات المجال إما مدربًا أو محللًا فنيًّا في القنوات الرياضية أو إداريًّا، وجميعها مجالات جيدة يستطيع النجم أن يكمل حياته من خلالها، لكن الإشكالية تكمن عند من يشعر أن حياته توقفت لحظة اعتزاله، هذه الفئة من النجوم هم من يجب أن يوضعوا تحت نظر المسؤول، وتكون الحلول حاضرة لمساعدتهم، قد يقدم لهم المال، وقد يكون هذا المال سببًا في تدهور حياتهم وهم يحتاجون إلى رعاية أكثر من توفر المال، ولا يجب مناقشة حال هؤلاء النجوم عبر المنابر الإعلامية حتى لا تتفاقم الأزمة، ولا يمكن أن نقدم براءة المسؤولين حين نشرح مساهماتهم إعلاميًا، وماذا قدموا من أجل هذا النجم أو ذاك، كل ما في الأمر هو التركيز على احتواء أزمة هذا النجم، والبحث بكل سرية في طرق إعادته إلى المجتمع كنجم صال وجال في مجاله فترة شبابه الأولى، وها هو الآن يعود نجمًا بشكل مختلف، من هنا يحضر النجاح الحقيقي للمسؤول، البشر جميعهم يخطئون، لكن العمل الحقيقي يكمن في أن نعيد تأهيل هذا النجم نساعده على تجاوز أخطائه، ونعيده نجمًا كان ذات يوم عنصرًا مهمًّا في مجاله لحياة جديدة يكون فيها بذات الأهمية والاستقرار.

النجم الكبير خالد مسعد يسلط الضوء رغم سوء حالته لعمل مهم يجب أن يتنبه له المسؤولون، بأن تكون هناك لجنة رسمية في وزارة الرياضة أو أي وزارة أخرى تقوم بتقديم دراسات تختص بكل من توقفت حالة الإبداع عندهم بسبب كبر السن، أو بسبب ظروف الحياة الصحية أو الاجتماعية، والعمل على أن يكون لهم دور في الدعم والتشجيع لكي يعودوا من جديد ويشعروا بأهميتهم.

ودمتم بخير...