-A +A
مي خالد
ليس خطأ أمريكا التاريخي حين انسحابها من أفغانستان أنها تركت وراءها جيشا أفغانيا غير مجهز ويستشري فيه الفساد فقط، بل والخطأ الأكبر أنها حمت حكومة أفغانية شكّلتها على طريقة الديمقراطيات الغربية.

لا تتصور أمريكا أن النموذج الديمقراطي الذي تحاول فرضه على العالم لا يتناسب بالضرورة مع الهياكل المجتمعية القبلية والعشائرية والعرقية المعقدة للغاية مثل المجتمع الأفغاني.


بينما النظام السياسي لطالبان قائم بالكامل على إدارة تلك الهياكل المجتمعية بدلاً من تجاهلها.

نعلم أن طالبان تحرز تقدماً سريعاً إلى حد ما للسيطرة على الأراضي منذ انسحاب الولايات المتحدة. نعلم أيضاً أن الجيش الأفغاني لم يكن فاعلاً في المشهد وغير مجهز جيداً، لا سيما في قدرات الدعم الجوي.

يبدو من الغريب، وإن لم يكن غير مسبوق، أن نرى المتمردين يحرزون مثل هذا التقدم السريع. قد يتبادر إلى الذهن ما حدث جنوب فيتنام في عام 1975، لكن ذلك كان غزواً تقليدياً من قبل فيتنام الشمالية أعقاب خروج الجيش الأمريكي أيضاً.

من خلال الأعمال الفنية والمؤلفات لفنانين وكتاب أفغان نحن ندرك فداحة حكم طالبان وحجم جرائمهم، وأن الكثير من الأفغان لديهم مخاوف من عودة حكم طالبان.

ومع ذلك، فقد تم قبول طالبان بشكل جيد نسبياً في البداية، في عام 1994، حيث كانوا يزيحون أمراء الحرب الأفغان الذين جعلوا حياة المدنيين بائسة لسنوات.

أخيراً، نعلم أن الحكومة الأفغانية (الديمقراطية) عانت، على الأقل في الماضي، من انعدام الشرعية، إلى جانب أنه تم تزوير بعض الانتخابات، ويبدو الفساد مستشرياً في سائر مؤسساتها ووزاراتها وهذا هو الدرس المستفاد من القصة، الديمقراطية ليست العصا السحرية كما تتصور أمريكا.