-A +A
حسين شبكشي
مع الأخبار المتتالية والمبهجة عن التغيرات والتطورات الحاصلة في مجالات مختلفة ومتنوعة في السعودية الجديدة، يبرز سؤال متكرر في الفترة الأخيرة وهو: لماذا لم تطل هذه التطورات والتغيرات منظومة الإعلام السعودي؟ فالصحافة السعودية تحديدا والإعلام السعودي عموما أصابهما الوهن وبالتالي الملل، بحسب الكثير من المتابعين والقراء والمختصين في الشأن الإعلامي. الصحافة السعودية اليوم أصبحت «رتيبة ومملة ومتوقعة ومكررة»، بحسب وصف أحد المتابعين للشأن الإعلامي المحلي. فالصحافة السعودية التي كانت تعرف بوجود كتّاب رأي يطرحون قضايا عامة بأسلوب لافت ومهم تلقى التفاعل وتثير الردود المختلفة، وكذلك عرفت عنها التحقيقات الصحفية في القضايا التي تمس الشأن العام، وتقدم بمنهجية مهنية وأسلوب توثيقي لافت ومهم. لم يقتصر هذا الأمر على الطرح المقصود على القضايا الاجتماعية، ولكنه طالها لطرح قضايا فكرية وثقافية ودينية واقتصادية ورياضية بشكل جعل الناس دوما ما تتلقف ما تنشره الصحف السعودية المختلفة بنهم وفضول وشغف لا يتوقف. ومع الوقت حققت الصحافة السعودية موقعها المميز عند شريحة عريضة من القراء والمتابعين. ولكن اليوم لا يمكن وصف الحال الصحفية السعودية بنفس الأسلوب الذي كانت عليه. الصحف السعودية واكبت وإن كان بأشكال متباينة ومتفاوتة مرحلة الإعلام الجديد على منصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ولكن يبقى التحدى الأهم لها هو جودة المضمون المقدم وتفاعله مع احتياجات المتلقي بشكل أساسي. الصحافة السعودية هي مؤسسات اقتصادية في المقام الأول يفرض عليها السوق ظروفا تنافسية معقدة ومعينة تتطلب منها التكيف بشكل فعال وسريع ومؤثر، وهذا يعني زيادة أو تقليص في عدد الموظفين أو توسيع قاعدة المستثمرين المتوقعين وكذلك توسيع قاعدة الأنشطة لتحسين العوائد الاستثمارية في مجالات جديدة وواعدة، مع عدم إغفال تيسير الفرص للاندماجات والاستحواذ مع شركات مماثلة أو مكملة على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، وهذه جميعها غير متوفرة مع شديد الأسف حتى اليوم، فالمؤسسات الصحفية لا تزال تعامل بشكل رمادي في موقع بين الكيانات التجارية والكيانات الإعلامية، وهذا يفوت على هذه الكيانات الاقتصادية فرص النمو المستحق واتخاذ القرارات المالية والاستثمارية المناسبة لها تماما، والمشاركة بالتالي في مسيرة التطورات والتحولات والتغيرات الاقتصادية التي تمر بها السعودية الجديدة اليوم. الصحافة السعودية مع شديد الأسف أصابها الملل، وهذا الملل له أسبابه المختلفة، والتي تتطلب مواجهتها بصدق ووضوح حتى تتم إعادة الزخم والأمل والاعتبار لها مجددا كما تستحق، باعتبارها أحد أهم ركائز القوى الناعمة والمؤثرة للسعودية. الصحافة السعودية هي محور من محاور مختلفة تخص الحديث عن ملف الإعلام السعودي بشكل عام وهو حديث مهم ومطلوب جدا.