-A +A
بدر بن سعود
الاعتداءات المتكررة على حراسات المراكز التجارية ليست مستغربة، ولا يفترض أن يتم التعامل معها وكأنها تصرف شاذ وغير متوقع، فمن يعملون في هذه الوظائف وأعدادهم تتجاوز 200 ألف شخص، لا يحصلون على تدريب مناسب، ورواتبهم متواضعة جداً لا تتجاوز الأربعة آلاف، والرقم الأخير يقتطع ثلثه على الأقل كمصروفات للمشغل.

بجانب أن خبراتهم ومؤهلاتهم محدودة، وحتى الهيئة والبنية واللباس لا تتناسب وطبيعة أعمالهم المهمة والحساسة، وبعض حراس الأمن يبحثون عن الوظيفة السهلة، وهؤلاء مسؤولون جزئياً عن معاناتهم، لأن المسؤولية الأكبر تتحملها الشركات المشغلة والمتعاقدة معهم، فالأولى تقدم عروضا رخيصة لتحصل على العطاء أو المناقصة، والثانية تطلب حراسات أمنية لإكمال الإجراءات النظامية، ومن ثم الحصول على رخصة لممارسة النشاط أو البدء في المشروع.


الحراسات الأمنية محكومة بمجموعة من الأنظمة، من بينها نظام العمل ونظام التأمينات الاجتماعية ونظام الضمان الصحي التعاوني، والشركات المشغلة تبرر غياب الضمان الصحي بالعدد، وأن شركات التأمين لا تؤمن على الموظفين إذا قل عددهم عن مئة شخص، بالإضافة إلى نظام الحراسة الأمنية ولائحته التنفيذية، وقد ألزمت اللائحة شركات الحراسة في مادتها السادسة بضرورة تدريب حارس الأمن قبل توظيفه، وهذا لا يحدث إلا في حالات نادرة، ويقتصر على محاضرات نظرية قصيرة بدون تدريب عملي ميداني، والمشكلة ليست في التنظيمات، وإنما في تطبيقها والرقابة عليها، وفي تحسين بيئة عمل حراس الأمن، واستحداث كادر وظيفي وسلم رواتب تصاعدي، يحقق لهم الأمان الوظيفي، وأن لا يكون توظيفهم مؤقتا أو موسميا.

حراس الأمن في المملكة يحرسون البنوك والمستشفيات وبعض المنشآت الحكومية والخاصة، ويتم توظيفهم من قبل مقاولي المشروعات الحكومية قيد الإنشاء لحراستها في كل الأوقات، ولكنها وباستثناء حراسات سابك وأرامكو تتم بعشوائية واضحة، ولعل المشكلة الأبرز تبدو في انعدام الحافز عند حراس الأمن، والسبب عملهم لفترة قد تصل إلى 12 ساعة في اليوم وبلا إجازات، أو بدل عدوى في حالة كورونا، فهم يشرفون على بوابات المراكز التجارية والعامة، ويتأكدون من التزام الناس بالاحترازات والتطعيمات، علاوة على تنظيمهم الدخول وفق الأعداد المصرحة، وبحسب الطاقة الاستيعابية الآمنة للمرافق، وكلها أعمال تحتاج لمجهود كبير وصفاء ذهني ودورات متخصصة.

في اعتقادي أن أمن المنشآت يمثل الجهاز الحكومي الأنسب لتدريب الحراسات الخاصة، وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص، وعن طريق إنشاء مراكز تدريب مستقلة ومتخصصة واحترافية، وبأسلوب يقوم على الاستثمار في الإنسان وفي رأس المال، ويحقق المنفعة لكل أطراف المعادلة، ولدينا شركة فالكون المصرية كمثال عربي ناجح، فقد عملت منذ تأسيسها في سنة 2006 على حراسة الجامعات والبنوك ومكاتب الأمم المتحدة وغيرها، ولجودة خدماتها أسندت إليها مهمة تفتيش مطار شارل ديغول في فرنسا.