-A +A
ريهام زامكه
قال أحد (الفطاحلة) عن اللغة العربية:

«أنا البحر في أحشائه (مدري ايش) كامنٌ، فهل سألوا الغواص عن صدفاتي».


مما لا يخفى عليكم أنني مُحدثتكم، مع زملائي أبو الأسود الدؤلي والزمخشري وسيبويه، وغيرنا من علماء اللغة العربية كان لنا الفضل في تطوير وإثراء اللغة بشكلٍ ملحوظ بل وتاريخي أيضاً.

حتى أنني أذكر أن (زميلنا الفيلسوف) سقراط قال في مجلس كان يضم العديد من صنوف البشر «تكلم حتى أراك»، وبعدها (إنطمّ) الجميع ولم يتكلم أحد!

ومن منبري هذا اسمحوا لي أتكلم حتى لو لم تروني، أو تفهموني، يكفي أنني أفهم نفسي وأعرف جيداً متى أتكلم ومتى يجب عليّ أن أنتهي وأتوقف عن الكلام.

وبما أن لغتنا العربية جزيلة وثرية وبها مقام عظيم في الوصف والبيان، قررت أن أترك المُزاح والهزل وأحدثكم في هذا المقام -عفواً المقال- بجّد وصدق وحكمة.

صباح أو مساء الخير عليكم لا تفرق؛ ما يفرق أنني لستُ رحبلة، ولا سبحلة، ولا رمجلة، ولا دهثمة!

وحتى لا تعتقدوا من أولها أنني (أشعوذ) بكلماتٍ غريبات ابحثوا عن تفاسير ما سبق، فأنا متأكدة لن يفهمني إلا فُطحل أو أحد (الناس التقيلة) في اللغة من أمثالي.

ولأنكم تعزون عليّ سوف أكتب لكم تفسير ما سبق توالياً حتى لا أتعبكم في البحث أو أصيبكم (بارتجاج) في صُلب اللغة، فالرحبلة هي المرأة الضخمة، والسبحلة هي المرأة الأضخم، والرمجلة هي امرأة (بصراحة نسيت ايش وضعها)، والدهثمة أعتقد واضحة وليست بحاجة إلى شرح!

منُذ القدم كان إذا أصاب الرجُل يُقال عنه (مُصيب)، وإذا أصابت المرأة فيقال عنها (مُصيبة)، ولأني (مُصيبة) دائماً يقولون في اللغة أيضاً إذا كان الرجل على قيد الحياة (حيّ)، وأما المرأة فيقال عنها (حيّة)!

ومن عجائب اللغة العربية، وأبلغ ما قالت العرب ما قاله أحد الشعراء:

النساء هُن الدواهي والدوا هُن

لا طيب للعيش بلاهن والبلا هُن.

فردت عليه شاعرة (صادقة) وقالت:

والرجّال هم المَرهم والمُر هُم

لا طيب للعيش بَلاهم والبلا هُم.

وفي هذين البيتين نجد مدحاً وذماً واضحاً للرجل والمرأة في ذات الوقت، وهذه من جماليّات اللغة العربية وعجائب استخداماتها.

والآن كأني أراكم (تكأكأتم) عليّ، وأعتقد من حماستي (أطلخم) الأمر بيّ، (اشبّكم ياهوو) ارجوكم (افرنقعوا) عن دماغي الآن.

فجميع أوصاف وكلمات ومعاني اللغات لن تُسعفني لأنتهي من هذه الورطة اللغوية التي (طبيّت) فيها بمحض إرادتي ويبدو أنني بالفعل قد (تورطت)!

‏لكني ولله الحمد امرأة عاقلة (يا رب سامحني عالكذب)، راشدة، بالغة، وشكيمة، وقد قالواً قديماً هذه الأوصاف في وصف المرأة القوية وكانوا يطلقون عليها (المرأة الرجّلة) لما تتصف به من الالتزام، والقدرة على الحسم.

وبناءً عليه؛ سوف أحسم الموقف وأنهي هذا المقال، فلا أنسى أن هُناك (رجُلاً لوذعياً) يعز عليّ كثيراً كان قد وصفني يوماً (بالرجّالة)، اسأل الله أن يُمسيه بالخير فوق كل أرض، وتحت كل سماء.