-A +A
عبده خال
تدخل أزمة سد النهضة أيامها الأخيرة بين إثيوبيا ومصر والسودان، وهي بمثابة مرحلة (الطلق) لقضية امتدت لسنوات في حملها، فهل تتمخض عن مولود سلام أم حرب؟.

فملء السد يقضي بتجفيف نهر النيل، ويعد الخطر الإستراتيجي الذي يمس الأمن الوطني لدولتين عربيتين ويدخلهما في مواجهة غير محتملة العواقب، خاصة بعدما بذلت الدولتان العربيتان (صبرا إستراتيجيا)، قرع أبواب المنظمات العالمية بعد مفاوضات ثلاثية أظهرت فيها إثيوبيا تعنتا واضحا بدءا من المفاوضات الثلاثية مرورا بتدخل الاتحاد الإفريقي، وصولا إلى وضع الملف أمام مجلس الأمن.


والتعنت الإثيوبي يستند على أحد بنود (إعلان المبادئ) الموقع من قبل الدول الثلاث، القاضي ببطلان أي شكوى منفردة أو ثنائية ما لم تتفق الدول الثلاث للجوء إلى محكم خارجي، وهذا البند يؤكد أن ليس هناك من حل سياسي يمكن الارتهان إليه، وهو الأمر الذي يعجل بإشعال فتيل الحرب، فمصر والسودان في حالة خشية كبيرة من آثار تفرد إثيوبيا بالقرار منفردة.

وكما قيل (ليالي العيد تبان من عصاريها)، ففي دراسة قامت بها جامعة كاليفورنيا، ومحطة ناسا أظهرت مقدار الكارثة التي سوف تتعرض لها دولة مصر -مثلا- إذا تم ملء (خزان سد النهضة)، وهي أضرار بليغة، تشير إليها الأرقام، بتراجع الرقعة الزراعية بنسبة 72%، وإحداث عجز مائي بنسبة 40%، وارتفاع معدل البطالة بنسبة 25%، وانخفاض نصيب الفرد من الدخل القومي بنسبة 8%، ونفس النسب -إن لم تكن أكثر ارتفاعا- سوف تتضرر بها السودان.

فماذا لو نشبت حرب بين إثيوبيا ودولتين عربيتين، فهل تفعّل جامعة الدول العربية بنود الدفاع المشترك؟ ومن يتفاءل باللجوء لهذا القرار العربي عليه (ابتلاع العافية)، فجامعة الدول العربية ميتة منذ زمن طويل، ولا فائدة من إحياء رقدتها باجتماع طارئ، أو مقيم!

تبقى 13 يوما عن بدء الملء، فهل ستدخل المناورات العسكرية (مصر والسودان) إلى حيز التنفيذ في حرب تعلن عن نفاد مخزون (الصبر الإستراتيجي)؟

والواقع الجغرافي والاقتصادي للدول الثلاث ينبئ بوقوفهم على جرف هاوية اقتصادية لا تمكنهم من خوض حرب طويلة، أو قصيرة، كما أن الخشية من آثار الحرب بإغراق مصر والسودان جرس تحذير عالي النغمة يشير بعدم وجود طمأنينة لما يمكن حدوثه من غرق.

تبقت أيام قلائل ونعرف ما الذي يحمله لنا مخاض مفاوضات استمرت لسنوات، هل سيكون المولود حربا أم سلاما؟.