-A +A
عقيل بوخمسين
السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، تواجه خطر أن تكون بلداً مستورداً للنفط خلال 20 عاماً!

تصدرت هذه الجملة تقريراً نشرته سيتي جروب للمحللة هايدي رحمن في 2012، التقرير الصادم انتشر سريعاً، رغم أن وسائل الإعلام المحلية تجنبت نشره أو حتى التعامل مع محتواه، حينها.


أثار التقرير، على الأرجح، موجة من الاستغراب أو حتى الضحك داخل مبنى الإدارة الرئيسي في الظهران، كما في مكاتب متفرقة بحي الوزارات في العاصمة الرياض، لأسباب عدة، منها فرضية أن السعودية تُدار بمبدأ «إذا كانت الأمور تسير، حالياً، على نحو جيد، لا تعدل عليها»، وهو مبدأ يتبناه، غالباً، اثنان، إما ناجح عن طريق الصدفة، يخشى أي جديد، لثقته بأنه غير قادر على صنع النجاح نفسه، أو متخاذل لا يريد رفع كفاءة استخدامه للموارد المتاحة، والسعودية كانت وما زالت أبعد ما تكون عن ذلك.

نظرياً، افترض تقرير سيتي جروب أن تنامي معدلات استهلاك الطاقة محلياً، بالتوازي مع معدلات النمو السكانية، سيقلص من حجم صادرات المملكة النفطية تدريجياً، الأمر الذي سيجبرها على استيراد النفط، مستقبلاً، وضخه لتوليد الكهرباء لتلبية الطلب المحلي.

اليوم، وبعد انقضاء أكثر من نصف الفترة الزمنية التي توقعها تقرير سيتي جروب، كيف تبدو الصورة؟

دعت السعودية عبر وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، العالم لقبول حقيقة استمرارية كونها المزود المهيمن للطاقة بمختلف أشكالها، وأكدت أن مواردها الطبيعية الوفيرة، منخفضة التكلفة، ستضعها في طليعة الدول التي تصدر الطاقة للعالم في المستقبل، وشدد وزير الطاقة بأن المستقبل مرهون بما لدى المملكة من القدرة على تحقيقه، وليس بما تحقق خلال السنوات الماضية فقط.

عملياً، سترفع السعودية من طاقتها الإنتاجية للبترول إلى 13 مليون برميل يومياً في المستقبل القريب جداً، كما تخطط أرامكو لأن تكون المملكة ضمن أكبر 3 منتجين للغاز الطبيعي في العالم، وأن تصدره لأول مرة خلال السنوات العشر المقبلة، وتم الإعلان عن 7 مشاريع عملاقة جديدة في قطاع الطاقة الشمسية، بالإضافة للمشاريع القائمة، ورُصدت 5 مليارات دولار لبناء واحد من أكبر مصانع الهيدروجين الأخضر في العالم، خلال 5 سنوات، في نيوم.

على الأغلب لن تستطيع هايدي رحمن تحديث تقريرها الذي نشرته في 2012، حيث تركت وظيفتها كمحللة في سيتي جروب، واتجهت لقطاع الموضة، قبل 6 سنوات، بعد أن افتتحت داراً للأزياء. إلا أن مثل هذه التقارير الهجينة ترسخ حقيقة لافتة عن الاقتصاد الأكبر في المنطقة، تتلخص في قدر الجهل الخارجي بمقدراته وطريقة إدارته، أو حتى محاولة فهم ذلك، والأكيد أن السعودية تثبت دائما أنها قادرة على وضع أوراقها الرابحة على الطاولة، في الوقت الذي تختاره.