-A +A
بشرى فيصل السباعي
من الأخطاء الجذرية التي ما زالت مستمرة بمجال محاربة الإرهاب أنه لم يُطرَح حتى الآن نموذج بديل ملهم لشخصية المسلم يمكن أن يؤثر بالأجيال الجديدة ويجعلهم يرون أنفسهم فيه بدل أن يروا أنفسهم بمقاطع الذبح والسلخ التي تنتجها الجماعات الإرهابية، لكن وبما أن صناع المواد التمثيلية من أفلام ومسلسلات يبدون مفلسين تماماً من القدرة على تخيل واقع افتراضي جميل يمثل رؤية ملهمة لما يجب ويمكن أن تصبح عليه شخصيات وأحوال المسلمين، فهناك بديل معاصر ولو أنه ليس عربي لكن لن يشعر العربي بغربة ثقافية ودينية وحتى لغوية عنه لأن غالب لغته هي كلمات عربية وهذا البديل يأتي من الهند، حيث منذ بدايات السينما الهندية كان هناك تصور طوباوي جمالي شاعري سائد في الهند عن المجتمع المسلم في الهند؛ ولذا نشأت فئة خاصة من الأفلام التي كان عموم الهنود من كل الأديان شغوفين بها وبتقليد شخصياتها المسلمة؛ لأنها كانت تمثل ذروة التحضر والرقي والنبل والتهذيب والثقافة الرفيعة وبخاصة لجهة شغفهم بالشعر العاطفي والمشاعر المرهفة والحب العذري والفنون الراقية، وتسمى فئة هذه الأفلام «الاجتماعيات المسلمة-Muslim social» ولا يوجد لها نظير بالنسبة للهندوس أو المسيحيين أو السيخ؛ لأنه لا توجد فئة من كل تلك الفئات كانت هناك تصورات طوباوية جمالية شاعرية عنها كالتي كانت عن المسلمين، وغالبها من حقبة الأبيض والأسود واستمرت للسبعينات وما زالت تعتبر من روائع السينما الهندية لأنه كان ينفق عليها ببذخ وتعتبر من أكثر الأفلام تكلفة في وقتها لتظهر المسلمين بالصورة الذهنية الجمالية الشاعرية التي كانت سائدة عن المجتمع المسلم حينها، بعكس صورة المسلم حالياً بالأفلام الهندية حيث المسلم واحد من ثلاثة؛ إما شخصية الإرهابي الخائن للوطن، أو زعيم عصابة للجريمة المنظمة لأنه للأسف على أرض الواقع غالب المافيا الهندية يسيطر عليها مسلمون، والشخصية الثالثة فرضتها أجندة التيار الهندوسي الديماغوجي/‏الغوغائي المتطرف السائد حالياً وهي أفلام تاريخية تظهر المسلم بشخصية الغازي المحتل المسعور جنسياً لاغتصاب واستعباد نساء الهند، بينما قامت الهنديات بإحراق أنفسهن جماعياً لكي لا يصبحن سبايا، فنتجت عن هذه الموجة من الأفلام دعوات للثأر وأعمال عنف عنصرية ضد المسلمين، وهذا دفع بالمزيد من المسلمين إلى التطرف والانضمام للجماعات الإرهابية، وتستمر ذات السلسلة بلا نهاية ولا مخرج منها سوى بطرح نموذج ملهم بديل لما يمكن ويجب أن تكون عليه شخصية المسلم وربما نفحة من الماضي تساعد بتنشيط خيال صناع الأفلام والمسلسلات.