-A +A
حمود أبو طالب
مع قدوم شهر رمضان الكريم، وكعادتنا كل عام، نتحدث جميعاً وننظّر وننصح بالترشيد في كميات الأطعمة والاحتياجات الغذائية التي تتكدس في المنازل ثم يذهب معظمها إلى حاويات النفايات، وقد وجدت خبراً نُشر في شهر أكتوبر 2020 عن دراسة عنوانها «خط الأساس مؤشر الفقد والهدر»، أجراها البرنامج الوطني السعودي للحد من الفقد والهدر في الغذاء، أوضحت أن نسبة هدر وفقد الغذاء بلغت في المملكة نحو 33.1٪ في عام 2019. وبلغت القيمة الإجمالية للهدر على أساس الإنفاق الاستهلاكي في السعودية نحو 10.7 مليار دولار في السنة. وأفاد الخبر بحسب تصريح وزير الزراعة -آنذاك- بأن المملكة بدأت تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، بتعاون ما بين القطاعين الحكومي والخاص.

حسناً، نحن نفترض أن عام 2020 قد علمنا قيمة الأمن الغذائي خلال جائحة كورونا التي جعلت العالم يدق أجراس الخطر من اختلال سلاسل التموين، وجعلنا نحترم النعمة التي نعيشها بعدم تعريضها للإسراف ثم الهدر، لكن ذلك لم يحدث للأسف، فقد قرأنا قبل يومين أن قيمة الهدر الغذائي في المملكة بلغت 13 مليار دولار، بارتفاع كبير عن الماضي، ما يعني أننا لم نتعلم من دروس الزمن، ولم نغير من هذا السلوك الخاطئ الضار، وما زلنا نعبث عبثاً كبيراً سيحاسبنا الله عليه.


المسألة ليست استدراراً للعاطفة فحسب بالقول إن في بلادنا كما في كل بلاد العالم أناسا محرومين من لقمة الغذاء، وإنما أيضاً لأننا في عالم مضطرب وظروف متغيرة تحتم أن نغير سلوكياتنا اللا معقولة في هدر الغذاء الذي يمثل الجزء الأكبر في فاتورتنا الاستهلاكية، ومن غير المقبول ولا الإنساني أن نرى حاويات النفايات في كل شارع تعلو فوهاتها أرتال من الأكياس المليئة ببقايا أطعمة تكفي آلاف الناس لو كان هناك ترشيد في كميات الأطعمة داخل كل منزل.

فلنتق الله في إسرافنا وهدرنا، وإلا سوف يعلمنا الزمن ودروسه قاسية.