-A +A
نجيب يماني
كما العهد جاءت كلمات خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- التي أعلن من خلالها إقرار مجلس الوزراء الموقر للميزانية العامة للعام المالي الحالي (1442 /‏1433هـ - 2021م)، محتشدة بالكثير من المعاني والدلالات والبشارات، في زمن يشهد فيه العالم - كل العالم - اضطراباً في اقتصاده، وعدم استقرار في نموّه، وأفقاً مسدوداً في مستقبله لتقف المملكة أمام هذه الجائحة معلنة قوّة اقتصادها، ونفاذ خططها التنموية، واستمرار تطورها التقني.. جاعلة من حياة الإنسان وأمنه وصحته وعيشه الكريم مناط شغلها، ومدار حركة اقتصادها، ومرتكز نموّها..

معانٍ سامية أكدها خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- في كلمته، وهو يبث الطمأنينة في قلوب المواطنين، والأمل في روعهم، والبشارة بغد أفضل، حين قال:.. «وقد صدرت توجيهاتنا بأن تعطي هذه الميزانية الأولوية لحماية صحة المواطنين والمقيمين وسلامتهم، ومواصلة الجهود للحد من آثار هذه الجائحة على اقتصادنا، واستمرار العمل على تحفيز النمو الاقتصادي وتطوير الخدمات ودعم القطاع الخاص والمحافظة على وظائف المواطنين فيه، وتنفيذ البرامج والمشاريع الإسكانية، والمشاريع التنموية التي توفر مزيداً من فرص العمل للمواطنين، وتحقيق مستهدفات الرؤية، مع التأكيد على رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، والاهتمام بالحماية الاجتماعية، والحد من الهدر ومحاربة الفساد، كما نؤكد على التنفيذ الفاعل لبرامج ومشاريع الميزانية»..


إن هذا المجتزأ من تلك الكلمة الوضيئة يكشف البعد الإنساني العميق، والنظرة الأبوية الحانية التي تنظر بها قيادتنا إلى المواطن، في سعيها الدؤوب نحو رفاه عيشه، وتأكيد أمنه وسلامته، فهذا التوجيه الصادر بإعطاء الأولوية في الميزانية لصحة المواطنين والمقيمين وسلامتهم، ينسجم تمام الانسجام مع الأدوار السابقة للمملكة في مواجهتها للجائحة، والإجراءات الاحترازية والوقائية التي قامت بها، والمعينات اللوجستية التي وفرتها للمواطنين من أجل ضمان سلامتهم من هذا الفيروس الجائح، وامتد هذا العطاء ليشمل دول العالم كافة من خلال دعم المملكة لمنظمة الصحة العالمية، والدول المختلفة في سياق كشف حجم التفاعل الإنساني للمملكة وتفاعلها الإيجابي مع القضايا الإنسانية.. ويتواصل هذا العطاء والاهتمام بالإنسان في المملكة، مواطناً كان أم مقيماً لتكون بنود الميزانية مستهدفة صحتهم وأمنهم، ودالة ذلك ننظرها اليوم في تأكيد قيادة المملكة والجهات ذات الصلة على أولوية حصول المملكة على اللقاحات العالمية لكوفيد-19، وهو ما تم بالفعل، وها نحن نشهد اليوم انطلاقة حملة التطعيم وفق خطة مدروسة وممرحلة تضمن سلامة الجميع وحصولهم على اللقاح في أسرع وقت ممكن..

إن هذه الخطوة إحدى بشارات الميزانية الجديدة، وتطبيق عملي لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، ولن تكون بمعزل عن بقية المستهدفات الأخرى من حيث مواصلة الجهود للحد من آثار هذه الجائحة على اقتصادنا، من ذلك استمرار دعم القطاع الخاص، وضمان توفير فرص التوظيف، وإنفاذ بنود الضمان الاجتماعي بصيغته المعدلة الجديدة، بما يشجع على مزيد من الإنتاج والجهد المبذول في العمل.. ودون دخول في التفاصيل فإن التفاؤل يعم الجميع، في ضوء ما فصّل ذلك ولي العهد الأمين بإشارة سموه إلى أن «النمو الاقتصادي يتوقع أن يشهد ارتفاعاً مع الاستمرار في تنمية دور القطاع الخاص من خلال تسهيل بيئة الأعمال، والتقدم في برامج التخصيص، وإتاحة مزيد من الفرص أمام القطاع الخاص للمشاركة في مشاريع البنية التحتية، وتطوير القطاعات الواعدة والجديدة، والاستمرار في تنفيذ برامج رؤية المملكة 2030 لتحقيق مستهدفاتها للمساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي، ودعم المحتوى المحلي للرفع من إسهامه في التنمية الاقتصادية للمملكة، بالإضافة إلى الدور المهم الذي تقوم به الصناديق التنموية في دفع النشاط الاقتصادي»..

من المهم أن ندرك جميعاً ونعي أن هذه الميزانية التي تستهدف صحة المواطن، وتفتح الطريق أمام الخروج من هذه الجائحة باقتصاد متين كما هو الحال القائم، يستوجب علينا جميعاً أن نلعب أدوارنا المنوطة بنا، ونكون خير سند لها، وأول ما يتوجب علينا الالتزام الحرفي بالإجراءات الاحترازية والوقائية، فهي السبيل إلى ضمان سلامة الجميع، والمحرك نحو نمو اقتصادي فاعل ومنتج.

وكل عام ووطني بخير ملكاً وولي عهد وحكومة وشعباً.

كاتب سعودي

nyamanie@hotmail.com