-A +A
حمود أبو طالب
اتضح أننا إزاء أغرب انتخابات أمريكية وأكثرها إثارة وتعقيدا وربما غموضا رغم النتائج التي ظهرت حتى وقت كتابة هذا المقال ظهر الأمس، وبغض النظر لصالح مَن من المرشحين، كما يبدو أن هذه الانتخابات سوف تستنفد كل الوسائل القانونية الممكنة قبل حسم النتيجة النهائية، أو قبول الطرفين بها، لأن المناخ الانتخابي متوتر ومحموم، والمرشحين بدآ التشكيك في مسار العملية الانتخابية مبكراً، ما يعني أن كلا منهما، أو بالأصح حزبيهما، في حالة استعدائية جاهزة ضد بعضهما البعض، وعلى استعداد لتعقيد المشهد إلى ما لانهاية.

عادة تعتبر الولاية الثانية لأي رئيس سهلة إلى حد ما لاعتبارات كثيرة، لكن ترمب يخوض انتخاباته الثانية بشكل أكثر صعوبة من المرة الأولى، ليس فقط لأن المواجهة مع الديموقراطيين بدأت منذ بداية تسلمه السلطة ولكن أيضاً لأن المجتمع الأمريكي بدأ الدخول في مرحلة تغيرات بنيوية نتيجة الاستقطاب الحاد وإثارة نزعات كانت شبه خامدة لزمن طويل، ليبدأ استخدام أسلحة غير تقليدية في التعبير عن توجهاته ومزاجه الانتخابي، وكل ذلك بسبب أو ضمن نوع المواجهة الجديدة غير المسبوقة بين الحزبين، والتي زعزعت تقاليد انتخابية عريقة وأدبيات سياسية راسخة.


ربما للمرة الأولى، رغم الدستور الأمريكي العريق والقوانين التي تحيط بكل التفاصيل والاحتمالات لتضمن انتخابات في إطار من الانضباط، تتم الانتخابات الأمريكية وسط خوف واحترازات من اندلاع مواجهات تؤدي إلى فوضى، الشارع استسهل الركون إلى وسائل تعبير عنيفة بعد أن رأى أقطاب السياسة يخرجون عن أدبيات التنافس التقليدية إلى مواجهات بعيدة عن المألوف، تفتقد موجبات احترام العمل السياسي والخدمة العامة، وتنزع إلى التصفيات المعنوية بأساليب قاسية، تشبه في بعض جوانبها مواجهات العصابات وليس التنافس السياسي.

هذه هي أمريكا التي تتغير بشكل ملفت، وتثبت أنه لا توجد ثوابت في السياسة مهما كانت عظمة الدساتير ودقة وانضباطية القوانين، ومن ذلك يبدو أننا سنتابع قصة انتخابية طويلة حافلة بالمفاجآت قبل حسم الأمور.

habutalib@hotmail.com