-A +A
طارق الحميد
بقدر خيبة الأمل في الإعلام الغربي الذي كان ينظر إليه على أنه آخر حصون الحفاظ على الرصانة المهنية للعمل الصحافي، هناك خيبة أمل بكثر من الإعلام العربي، وخصوصا الرصين منه في تغطيته للانتخابات الرئاسية الأمريكية.

انشغل الإعلام الغربي، وتحديدا اليساري، الأمريكي والبريطاني، بتغطية هزيلة تقترب من الصحافة الصفراء لأخبار الحملات الانتخابية الرئاسية الأمريكية، وخصوصا بعد إصابة الرئيس ترمب بفايروس كورونا.


حيث أهمل الإعلام الغربي اليساري، مثلا، فحوى المناظرة الانتخابية بين نائب الرئيس، ونائبة المرشح الديموقراطي، وانشغلوا بتغطية الذبابة التي حطت على رأس نائب الرئيس، علما بأن نائبة المرشح الديموقراطي وقعت في أخطاء حقيقية، وتناقضات صارخة.

إلا أن ما يهمنا هنا هو إعلامنا الذي انشغل بوزن الرئيس ترمب، وعمره، وهل يلبس الكمامة، وكأن المتظاهرين حول أهمية حياة السود أو خلافهم بأمريكا كانوا يتقيدون بإجراءات السلامة أصلا، ودون أن ينشغل إعلامنا بما يهمنا نحن المتابعين.

الانشغال بالتوافه، وما نسميه صحفيا بالأخبار الخفيفة، أمر مثير للإحباط، لأن المتابع بالمنطقة يريد أن يعرف خفايا الحملات الانتخابية، وما يقوله ويردده الجادون بالقطاع الاقتصادي، ومراكز الدراسات، ورصد الاستطلاعات.

نحتاج فهم هل تؤثر إصابة ترمب بكورونا على حظوظه، أو تعززها؟ وهل حالة الاستقطاب الحادة، والانحياز، بالإعلام الأمريكي، تعزز موقف جو بايدن، أم فرص ترمب؟ وما الذي سيترتب عليه فوز ترمب للمنطقة، وما الذي يعنيه فوز بايدن؟

وما هو موقف قواعد جمهور الحزبين، الجمهوري والديموقراطي، وما هو موقف المترددين الآن، وما هو موقف الأقليات، ومن هو الطرف المؤثر قبل الانتخابات المرتقبة بعد أقل من شهر؟

نحتاج أن نعرف ما هي الفروق الحقيقية في أجندة الحملتين الجمهورية والديموقراطية، داخليا في أمريكا، وكذلك خارجيا، ومن الناحية الاقتصادية والسياسية، وأكثر؟ ومن أبرز الداعمين للمرشحين من أبرز الشخصيات السياسية، والمؤثرة، والمراكز، وخلافه.

كل ما سبق نموذج لقضايا مهمة وملحة بتغطية الانتخابات الأمريكية الرئاسية، وليس الذبابة التي وقعت على رأس مايك بينس، نائب الرئيس، ولا كلمة «دعني أكمل» التي كانت ترددها نائبة المرشح الديموقراطي.

صحيح أن الحملات الانتخابية الأمريكية تبدو وكأنها ترفيه، وتستخدم بها مصطلحات أقرب للرياضة، والتسلية، وخصوصا أن بعض ما يقال بخطب الحملات والمناظرات قد يحتوي على بعض من السخرية، لكن الانتخابات الرئاسية الأمريكية أكثر عمقا، وأهمية.

وفي حالتنا الإعلامية العربية لا ينبغي أن تكون التغطية انتقائية، أو منحازة، فلا المشاهد سيصوت بالانتخابات، ولا هو بالمؤثر، وإنما سيتأثر بنتائجها كونها انتخابات الدولة الأقوى على الأرض، وسياساتها مؤثرة على كل المنطقة، ولذا نحتاج للفهم، والمقدرة على التوقع، وليس الترفيه، أو الانحياز.

كاتب سعودي

tariq@al-homayed.com