-A +A
فواز الشريف
كنا صغارا، وكان الزمن في حقائبنا ممتلئا نصرفه كيف نشاء، وحين يصبح الاجتماع على «جسر العزيزية» كأنك تقول على «جسر اللوزية»، حيث تشبه «تضاريس» محمد الثبيتي أناشيد «جارة القمر»، وعلى قارعة الطريق الرابط بين «منى» و«الحرم» يكون موعد الفتية، يتقدمهم محمود تراوري ليتلو عليهم «بيان الرواة في موت ديما»، فيحده من «ثول» هاشم الجحدلي ومن «جازان» إبراهيم زولي، فيتنحنح الثبيتي قبل أن يبدأ حفل تكريمه في «المسرح»، وينتهي خلسة في «القبو»، مرددا: «من شفاهي تقطر الشمسُ وصمتي لغة شاهقة تتلو أسارير البلادْ.. هذه أولى القراءات، وهذا وجه ذي القرنين عادْ.. مشرباً بالملح والقطران عادْ.. خارجاً من بين أصلاب الشياطينِ وأحشاء الرمادْ».

فيخترق عطاء الله العصيمي الصمت والدهشة قائلا: «الله عليك يا أستاذ».


كان وقتها فريق الوحدة بين سلسلة من الهبوط إلى الهبوط، فتراه يرقص على نغمة «المزمار» في كثير من الأحيان لحن «الانكسار»، فيعود إلى «التنعيم» لا شيء معه إلا «التاريخ وقميصه الأحمر»، مثله مثل كتب «السير الذاتية»، ثم لا تمر في طريق إلا وتلتقي المربي الفاضل والأستاذ القدير عبدالوهاب صبان، بذات «الكشخة» والقلب الطيب والغترة البيضاء، ترافقه ماركة «بيجو» بيضاء تسر الناظرين في رحلة البحث عن منقذ للوحدة، وكانت دورة «البحر» مهوى اللاعبين و«أبوشنفاص» قائدهم غير المتوج.

تستمع لحكايا «ساحة إسلام» كمن يسرد عليك تفاصيل «الفايكنج»، حيث لا فريق يخرج من هناك منتصرا على «الأحمراني»، ومعهم سلسلة من عباقرة اللعبة الذين كسروا العادات والتقاليد بممارسة اللعبة على طريقة «نهر الخلود»، حيث تطوف بالفرح «سوبيا الخضري».

مرت سنواتنا من حقيبة الوقت التي أضحت فارغة، وكنت حينها ملاصقا للوحدة، حيث «جريدة الندوة»، فلم يكن في الأفق متسع للأحلام الحمراء، لأن كل ما لدى الوحدة لا يتعدى «تاريخا وقميصا أحمر»، وكل اجتماع شرفي ينتهي بكومة من الوعود والعهود الآجلة حتى شاخت الأحلام وشاخ معها «عاطي الموركي».

بدأت رحلة مجد جديدة للكرة السعودية برؤية سمو سيدي ولي العهد محمد بن سلمان حفظه الله ورعاه، وأتى معالي المستشار تركي آل الشيخ لسدة المؤسسة الرياضية، ومع ذلك غرس في الوحدة آمالها «الموءودة»، بأن غير مجرى التفكير، وقال لهم هي فرصة جديدة لميلاد جديد، ليس للوحدة «حفرة» بل ملعب «النار»، وليس للأجيال التي ستأكل الأخضر واليابس إلا عنفوان «التنين» وخلق الأساطير المقاتلة، مثل ما فعل في بيراميدز، حين أيقظ «أبو الهول»، ومثل ما فعل في الميريا حين أطلق «الأسد».

لقد زرع معاليه أنشودة «اشتقنا يا وحدة» بصوت «محمد عبده» من «الشرائع» حتى بوابة «العمرة» أو التنعيم، ليستفيق حلم أبناء الجيل في مكة المكرمة، وأن بمقدور هذا الأحمر، إن أراد الحياة أن يحياها بالطريقة التي يريدها، مؤكدا لهم أن الأشياء الجميلة من الممكن أن تحدث، فلم يعطهم المال أكثر من غيرهم، لكنه أعطاهم «الفكرة» التي جعلت من «الحجر» ينبوع «ماء»، فكان الرئيس الشرفي والفخري حتى استقام الأمل.

الوحدة الآن لم تعد هنا فقط حيث مقدمة الترتيب، لقد أصبحت بين موسم وآخر سفيرا سعوديا جديدا في البطولة القارية حيث تأهل الفريق إلى دوري أبطال آسيا من موسمه الثاني.

أنا والوحدة ومكة المكرمة حالة «توحدية» فريدة، قرأتها في دروب الحياة والصلاة وفتافيت الأشياء، فكان لزاما أن أدون ذكرياتي كسيرة غير ذاتية وغير موضوعية، لأن الوحدة «ما يغلبها غلاب».

@FawazAlshreef