-A +A
حمود أبو طالب
كم تمنيت لو أنني سمعت تصريحاً رسمياً من دولة عربية يعلن أن سلاحه الجوي هو الذي ساند الجيش الليبي في قصف قاعدة الوطية لأن حكومة الوفاق وربيبتها تركيا لن تعلنا ذلك تهرباً من فضيحة أن القاعدة كانت هدفاً مكشوفاً سهل المنال، وأن الخسائر في الآليات والأفراد كانت فادحة وتمثل صفعة قوية للغطرسة التركية، بل تمنيت لو أُعلن أن سرباً من طائرات تمثل تحالفاً عربياً هي التي نفذت تلك الهجمة الرمزية الرائعة التي تشعر أي عربي بأنه رغم كل العملاء والخونة والمتآمرين علينا من بني جلدتنا لصالح الأجنبي الذي يحلم باستعمارنا مجدداً، ما زال هناك شرفاء ونبلاء وأحرار يرفضون هذا الخزي ويقومون بواجبهم الوطني لردع من يتمادى في طيشه وغروره.

الوقت لم يعد يسمح بالتحفظ في أشياء كثيرة لأن الخطر المحدق بنا أصبح حقيقياً ومكشوفاً ومن حق العرب الدفاع عن أوطانهم، العالم كله شاهد تركيا وهي تنقل كتائبها ومرتزقتها وأسلحتها إلى ليبيا كغزو علني لبلد عربي تمهيداً لاحتلاله، وقد أعلن أردوغان ذلك أكثر من مرة، وصرح وزير دفاعه مؤخراً بما يعتقده حق تركيا في ذلك، وفي المقابل تستمر مواقف الدول الكبرى والأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وكل الهيئات والمنظمات الدولية ما بين صمت كامل أو مواقف مائعة، لا تعني سوى التغافل وغض البصر عما تمارسه تركيا من عربدة في دولة عربية وتهديد مباشر مقصود لمصر، الدولة العربية الكبرى بشعبها وجيشها وتأريخها ورمزيتها ومقدراتها.


في وضع كهذا يمثل خطراً وجودياً لكل العرب لا مكان للدبلوماسية والاعتبارات السياسية. عندما وضعت المملكة خطاً أحمر في اليمن للمليشيا الحوثية وإيران ولم يتم استيعابه أعلنت المملكة للعالم بدء العمليات العسكرية في اليمن لتحجيم إيران والحفاظ على الشرعية وصيانة الهوية العربية لليمن. ليس هناك من خيار عندما يصبح الخطر قريباً من بابك، ولا مجال للتكتم عن ممارسة حق يكفله القانون الدولي للدفاع عن النفس بمنع تهديد مباشر.

هكذا يجب أن يكون الأمر، نحن في حرب وجود حقيقية يجب أن نخوضها بشجاعة مكشوفة لأنه لن يخوضها أي طرف نيابة عنا ولن تردع المعتدين أي جهود أو مبادرات سياسية كما أثبتت لنا التجارب. والعدو التركي يمارسها معنا علناً ويصرح عن أهدافه بصلف مكشوف يتباهى به، فمثلما تشكل تحالف عربي في قضية اليمن، فليتشكل تحالف لطرد تركيا من ليبيا وبتر أصابعها في المواقع الأخرى التي وصلت إليها.

habutalib@hotmail.com