-A +A
حمود أبو طالب
ثقة كبيرة وقرار مسؤول أن تعلن المملكة إقامة شعائر الحج هذا العام، رغم كل الظروف السيئة التي يعيشها العالم بسبب جائحة كورونا التي اكتسحته من أقصاه إلى أقصاه وفرضت احترازات مشددة للتجمعات البشرية ومنعت الحشود، ومع عدم توفر لقاحات واقية أو أدوية ناجعة إلى الآن، وكل عاقل منصف ومدرك لهذه الحقائق يعرف الصعوبة الكبيرة التي تكتنف قراراً كهذا يتطلب أقصى درجات الحذر والدقة والمتابعة اللصيقة لكل التفاصيل في وضع استثنائي كهذا، سوف يتابعه العالم بشكل خاص هذه المرة.

وإذا كانت المملكة تتكلف كل عام ميزانية طائلة لضمان حج آمن مريح وميسر لملايين الحجاج بكل خدماته وما يتطلبه ذلك من تجنيد آلاف الكوادر البشرية المتخصصة في كل مجال، فإنها هذا العام تتحدى نفسها مستندة إلى خبرة متراكمة طويلة مكللة بالنجاحات المتميزة، لكن ذلك قد يتطلب جهداً أكبر وإنفاقاً أكثر وحرصاً أشد رغم قلة عدد الحجاج، وإذا كان الذين عملوا في الحج أو تابعوا أعماله عن كثب يعرفون حجم الاستعدادات في الظروف الطبيعية فإنهم سيدركون أي عمل جبار وحساس يتطلبه حج هذا العام.


لقد كانت بعض التوقعات تميل إلى أن المملكة قد تضطر إلى عدم إقرار الحج هذا العام دون حرج، لأن الوباء لا يفرق بين من هم في الحج أو في غيره من التجمعات، وهي المسؤولة في النهاية عن الأمن الصحي للحجاج ومن حقها تقييم الوضع واتخاذ القرار المناسب، لكنها من واقع تجربة الأشهر الماضية في مواجهة الوباء تمكنت من تكوين رصيد متميز من الخبرة وجمع المعلومات عن سلوك الفايروس وطبيعة تفشيه، واستطاعت اتخاذ قرار تأريخي للسماح بالحج في هذه الظروف.

وكل ما نتمناه ألا نسمع المزايدات حول تفاصيل واشتراطات القرارات التي اتخذتها وسوف تتخذها الحكومة السعودية في الأيام القادمة قبل بدء الحج، وما قد تتخذه خلال أداء الشعائر وبعدها، فمثل هذا التحدي لا تفعله سوى دولة قوية مسؤولة تعرف إمكاناتها وتثق في موضوعية قراراتها وفائدتها لمن سيؤدون المناسك. ونسأل الله أن يكلل الجهود بالتوفيق.

كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com