-A +A
خالد السليمان
اشتهرت الصحف المصرية بمانشيتاتها الحمراء خلال الأزمات والحروب، كان اللون الأحمر للعناوين الرئيسية في الصحافة المصرية خاصة والعربية عامة إشارة إلى أعلى درجات الأهمية !

فقد اللون الأحمر في الصحف جاذبيته كما فقدت إشارة «عاجل» في شاشات الأخبار جاذبيتها منذ أسرف الإعلام في استخدامها حتى لم تعد تثير انتباه القارئ أو المشاهد كما كانت في السابق !


الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أعاد الانتباه للون الأحمر عندما حدد خطاً أحمر في الصراع الليبي جعله الخط الفاصل لتدخل بلاده في هذا الصراع بعد أن استشعر خطره على أمن مصر والمنطقة، مع تغير موازين قوى الصراع بسبب التدخل الخارجي التركي !

مصر لا تملك أي أطماع تاريخية في ليبيا، ولم يسبق لها أن خاضت أي صراع عسكري مع ليبيا على الأرض أو الثروة، والحالة الوحيدة للاشتباك كانت حرب الأيام الأربعة عام 1977 التي تسبب بها القذافي عندما أمر بمسيرات احتجاج شعبية لاقتحام الحدود المصرية احتجاجاً على العلاقات مع إسرائيل قبل أن يطرد العاملين المصريين من بلاده، لم يكن نظام القذافي نداً للقوة العسكرية المصرية، قصف بعض القرى الحدودية بالمدفعية، فردت مصر بقصف قواعد جوية ليبية، وانتهى الاشتباك بوساطة عربية قادتها الجزائر !

اليوم تتكرر أسباب الاشتباك، في ليبيا صراع بين طرفين، استدعى أحدهما تدخل تركيا التي لا يخفي نظامها استهدافه لمصر ومصالحها منذ انهيار حكم الإخوان لمصر، ولم يكن لمصر أن تقف موقف المتفرج أمام نقل تركيا لمقاتلي الجماعات الإرهابية من سوريا إلى ليبيا، فظاهر الدعم التركي نصرة حكومة الوفاق لكن باطنه الضغط على مصر وجعلها بين كماشتي الإرهاب شرقاً في سيناء وغرباً في ليبيا !

المصريون الذين وجدوا العالم يقف متفرجاً على النشاط التركي في ليبيا، لم يكن بإمكانهم الوقوف متفرجين على مخطط وضحت معالمه وأهدافه، وبرأيي أن رسم الخط الأحمر تأخر كثيراً وكان من الأجدى التلويح بالتدخل في الصراع منذ أن بدأت تركيا تحركاتها لنقل السلاح والمقاتلين، فموقف مصري حاسم ومبكر كان يمكن أن يعيد التوازن للعبة في ليبيا ويدفع المجتمع الدولي للتدخل وتلافي كلفة الصدام المصري التركي !

السعودية التي أيدت الموقف المصري أدركت منذ ما سمي بالربيع العربي أن استهداف مصر هو خطوة على طريق استهدافها، وأن مصر والسعودية هما الآن خط الدفاع الأخير عن الأمن العربي مع التشرذم الذي أفرزته الفوضى الخلاقة، ورغم فشل مشروع ثورات الربيع العربي، إلا أن الأتراك يعيدون صياغة المشروع عبر التدخلات الإقليمية في سوريا والعراق وليبيا ومد النفوذ في القرن الأفريقي، لكنه مشروع لا يختلف عن المشروع الإيراني، يفتقر للواقع الذي يضمن نجاحه أو استمراريته، هو مجرد جرح نازف !

K_Alsuliman@

jehat5@yahoo.com