-A +A
منى المالكي
عندما تسأل من يهمك أمره الآن: وينك؟ تسمع ضحكته على الطرف الآخر مجيباً: وين في البيت! طمني حجر منزلي!! فهل دلالة وينك في عصر الحظر هي نفس دلالة وينك ما قبل زمن كورونا!

فهم معاني الخطاب المتبادل بين الناس مصطلح نقدي مهم ندرسه تحت مسمى «التداولية» وتعني: «دراسة استعمال اللغة في الخطاب» أي الأحاديث أو النصوص الأدبية ومن أهم عناصرها: «الأقوال المستعملة، ثانيا معرفة المحيط الخارجي الذي تم فيه الخطاب الصادر من المتكلم، وثالثا يكون للغة الخطاب أثرها بين المتحدث والسامع من خلال تراكيب الجمل».


ما سبق هي المنصة التي ننطلق منها لدراسة السؤال القلق: وينك؟ والتحولات التي حدثت له، ودلالالته المتعددة فإن كانت تعني قبل كورونا تحديد جغرافية المكان فقط، ليبدأ بعدها التحقيق الذي لا ينتهي! أو أن كورونا تعني تحديداً آخر بعيداً عن جغرافية مكان محدد ربما هي جغرافية قلب وحضور روحي للتطمين! تشير البوصلة إلى هذا الاتجاه إذا أخذنا في الاعتبار أن كورونا «سونامي» التغيير الذي لن يبقي على شيء كما كان، وهذا ما تؤكده الدراسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية!

السؤال الذي يفرض وجوده الآن هو عن مدى مصداقية الإجابة في زمن كورونا؟! فهل الجواب الصادق عن سؤال وينك هو أصيل بمعنى أن من يجيبك بصدق هو لأنه إنسان صادق أو لأن ظروف الحجر أجبرته أن يكون صادقاً لأنه فعلاً هو في البيت لم يتحرك!

من ضمن الدراسات الثقافية التي لا بد أن يعنى بدراستها الخطاب هو خطاب زمن كورونا! فحتى نشرات الأخبار أصبحت صياغتها تراوح بين التخويف والتطمين، عكس ما كان يحدث في زمن الحروب التي تعلو فيها لغة الخطاب ذي النبرة العالية، فلماذا يلجأ البعض للتطمين ونحن في جائحة لم يسبق للبشرية بمثلها!

في زمن الأوبئة تظهر ممارسات سلوكية مختلفة، تلقي بظلالها على الخطاب والملبس والأكل، تصبغ الثقافة بشكل مغاير فلم يقف سؤال وينك وحيداً في زمن «كوفيد 18»، ظهرت الأخلاق الإنسانية على المحك، عندما انكشفت الرؤية من المناطق الضبابية عمن هو إنسان بحق ومن كان يتشدق بحقوق الإنسان ولكن ظهر بأنيابه قرصاناً كاريبيّاً أو خطيباً يهدد العالم بالويل والثبور، لغة خطاب الملوك والرؤساء مجال خصب جداً للدراسة أيضاً!

كاتبة سعودية