-A +A
حازم زقزوق
جائحة كورونا هي حرب بقاء يخوضها العالم أجمع وتخوضها دولتنا وقطاعاتنا الصحية المختلفة على وجه الخصوص بكل شجاعة واقتدار، معرضين حياة كوادرها من مواطنين ومقيمين للخطر.

وهنا يحق لنا الفخر بدولتنا وقيادتها التي أدارت الأزمة بكل شجاعة وحرفية وسبقت أعتى دول العالم وأقواها في التصدي لهذه الجائحة وجعلت سلامة المواطن والمقيم فوق كل الاعتبارات، أما وزارة الصحة فقد كانت على قدر كبير من المسؤولية في اتخاذ الإجراءات الاحترازية الجريئة والقوية في وقت قياسي وبمهنية فاقت كل التصورات، ولا تزال تخوض حرب القضاء على كورونا بشجاعة وبسالة منسوبيها الأبطال وعلى رأسهم معالي وزير الصحة أو قائد كتيبة فرسان الصحة.


وفي خضم المعركة يقف القطاع الصحي الخاص جنباً إلى جنب مع القطاعات الحكومية الأخرى في معركة حياة أو موت للمجتمع والدولة. القطاع الصحي الخاص ينزف وبسرعة وهو يقاتل في معركة وطنية خالصة.

وفي خضم المعركة وبسبب الحظر وما اتبعته من إجراءات احترازية انخفض دخل القطاع الصحي الخاص بشكل حاد ومفاجئ بمعدلات لم يصل لها من قبل، وأصبح الخطر ليس فقط من تعرض كوادره إلى الإصابة بالمرض القاتل كل يوم، بل الأخطر في فقدان عائلاتهم لقمة عيشهم وسبل حياتهم. لا يستطيع القطاع الصحي الخاص أن يستفيد كبقية القطاعات من تأجيل القروض البنكية أو حتى قروض جديدة. القطاع الصحي هو القطاع الوحيد عالمياً الذي يدفع أكثر من 55% من دخله على تكلفة الموارد البشرية. يعني أنه قطاع لا يستطيع تخزين بضاعة يمكنه بيعها بعد الأزمة أو بتأجيل دفع أقساط القروض للبنوك. ولا يستطع أيضاً أن تعمل كوادره من البيت، بل هم في قلب المعركة حتى أثناء أوقات الحظر. القطاع الصحي الخاص يواجه معركتين لا معركة واحدة؛ معركة جائحة كورونا ومعركة توفير موارد لدفع رواتب كوادره. كيف نطلب من مقاتلينا أن يذهبوا للقتال ونحن نعلم أننا لن نستطيع أن نوفيهم أجورهم؟ أليس من المفترض أن تزيد رواتبهم في وقت المعركة؟ وقت المخاطرة؟ كيف سنقول لهم لا رواتب لدينا لكم؟ القطاع الصحي الخاص يحقق في أفضل الظروف 10% أرباحاً، أي أن كل شهر من إجراءات الحظر سيحتاج إلى عام كامل من العمل بأقصى قوة، لكي يستعيد تكاليف التشغيل لهذا الشهر! فإذا اعتبرنا دخول شهر رمضان والعيدين فإن القطاع سيحتاج إلى سنوات لكي يتعافى من الأزمة. القطاع الصحي لا يمر بأزمة سيولة، بل يمر بمعركة وجود واستمرار. لا أظن أن الدولة -حفظها الله- غافلة عن ذلك، ولن تترك رفقاء السلاح وشركاء النضال بلا عونٍ ودعم ومساندة. خاصة أن عدداً من دول العالم قامت بتلك الخطوة مع هذا القطاع الحيوي، ولن نكون أقل منهم ونحن لهم -إن شاء الله- سابقون. إن سرعة التدخل في حالات النزيف الحاد حاسمة لإنقاذ المرضى، خاصة ونحن نحتاج هذا القطاع صحيحاً معافىً ليحارب في صفوف المقاومة. وفي الوضع الحالى، الأيام أصبحت كالثواني. جميع أصحاب المؤسسات الطبية يقفون جنباً إلى جنب مع الدولة في معركتها، ولا يألون جهداً في المشاركة لإنقاذ الأرواح. ولا يريدون ربحاً أو فائدة تجارية، فقط الوفاء بدفع مرتبات كوادرهم الصحية.. حفظ الله وطننا من كل شر.

* كاتب سعودي

hazemzagzoug @