-A +A
عبدالرحمن الثابتي
لي مجموعة من الأصدقاء عزموا على السفر، من مدينة نائية إلى إحدى مدن المستقبل، وعندما حزموا الحقائب واستقلوا سيارتهم المهترئة القديمة ولكنها في نفس الوقت تستطيع السير بسرعات متفاوتة، وفعلاً ضربوا سبيلهم في الطريق إلى مدينة المستقبل كما ظنوا، وبعد مرور ١١ ساعة وصلوا سالمين ولكنهم وجدوا أنفسهم في صحراء الربع الخالي! يا للهول! وطفقوا يلومون بعضهم على ما حدث، وبعد صمت طويل، تذكروا أنهم لم يرسموا خطهما على برنامج الخرائط! قال أحدهم للآخرين لقد كنا نسير بشكل رائع، كل ما في الأمر لم يكن لدينا خريطة!

هذه القصة تعبر بشكل رئيس عن بعض إداراتنا الحكومية -الوزارات تحديدًا- التي ترى فيها خلايا من النحل والعمل والاجتهاد والنتيجة لا شيء يذكر، مجرد سرعات بلا خريطة، بلا خطة إستراتيجية، إنهم يركضون في كل مكان، فرطٌ في الحركة وتشتت في الانتباه التنظيمي.


أذكر أن أحد الموظفين كان يتكلم للمديرين في إدارات عليا عن أهمية الإستراتيجيات وأهمية التخطيط الإستراتيجي، وكانوا يسخرون منه، ويقولون له يا حبك للفلسفة! وفي كل مرة يجر أذيال الهزيمة عائدًا إلى مكتبه المتواضع حزين مكتئب.

عندما تسأل أصغر موظف في أي دائرة حكومية، ما هي أهداف وزارتكم،؟ لن يجاوبك أحد لأنهم موظفون بسطاء لا أحد يشاركهم شيئًا، غير اللوم على ضياع الوقت.

ولا أريد أن أعمم فأقول ولن يجيبك حتى بعض كبار الموظفين، فهم مشغولون بالتعاميم والقرارات العظيمة عن المحافظة على الورق والنظافة، وغيرها من القرارات الشكلية التي تمنح المسؤول الرضا عن نفسه بأنه صدّر خطابات واتخذ قرارات عظيمة!

يا صديقي موظف الإدارة العليا، موظفوك يريدون الوصول لمدينة المستقبل ولا يرغبون أن يستيقظوا كل يوم ليعملوا في الربع الخالي، إنهم يبذلون الجهد والوقت ولكنهم لا يرون طحينا وإن سمعوا الجعجعة!

سؤالي لموظفي الدولة بالمراتب العليا في كل الوزارات، كم مرة قرأتم رؤية 2030، وما هي رؤيتكم لتحقيق مستهدفات وزارتكم كلٌ في ما يخصه، هل لديكم إستراتيجية لتحقيق أهداف الرؤية العظيمة لسيدي ولي العهد؟ هل لديكم مؤشرات للأداء؟ أين إدارتكم الآن على خارطة 2030؟ وأين ستكون غدًا؟ هل ستصلون مع البقية إلى المستقبل أم أنكم ستبقون تائهين في الربع الخالي؟ إن كنتم عزمتم على التوجه إليها فتخلصوا من مستشاري هز الرؤوس، واسمعوا لمن يقول لا، أنتم بحاجة لمن يقول لا، ولستم بحاجة لمن يطبل لقرارات الشاي والقهوة، فهل أنتم معنا.. سعادتكم اركب معنا!

* كاتب سعودي

ath@media.gov.sa -