-A +A
حمود أبو طالب
تتردد هذه العبارة كثيراً خلال هذه الفترة في وسائل التواصل مع كل صورة لطبيعة خلابة أو معلم أثري موغل في التأريخ، أو فعالية اجتماعية أو ثقافية أو ترفيهية، أو مشهد إنساني جميل. كثيرون يرفقون هذه العبارة إما لدهشة اعترتهم تشبه الصدمة بوجود تلك المناظر لدينا، أو كنوع من الدعاية المشوبة بالفرح عن أشياء لم يكن البعض يعتقد أو يصدق وجودها، وفي الحقيقة هي في كل الأحوال تعبير عفوي مشوب بالزهو والسعادة عن واقع جديد انبثق بسرعة، أو إعادة اكتشاف لجغرافيا وتأريخ وإنسان لم يتوقع أكثر المتفائلين حدوثها بهذه السرعة.

المكان لم يتغير، لم تتغير الجيولوجيا، الطبيعة مثلما كانت منذ خلقها الله، لكن الإنسان تغير. الإنسان السعودي أتيح له إعادة اكتشاف نفسه الحقيقية المطمورة قرابة نصف قرن تحت طبقات كثيفة ثقيلة حجبت عنه الضوء والهواء ومنعته من رؤية جماليات الحياة وتضاريس الأرض وإبداع الخالق في أرضه، تلك الجماليات التي حرم من الاستمتاع بها كما يفعل البشر الطبيعيون في كل مكان، وعندما زالت الأغلال أصبح هذا الإنسان قادراً على رؤية الأشياء حوله، فخالها أشياء جديدة لأن بصره ارتد إليه وبصيرته أصبحت قادرة على تمييز ما حوله.


هذه الكنوز الفريدة من الآثار التي يزخر بها الوطن في كل منطقة كانت مغيّبة ومسيجة بالتوجس الذي قد يصل حد تحريم الاقتراب منها. المناطق الطبيعية الاستثنائية في جمالها كانت مهملة لأن متعة السياحة والاستكشاف والترويح كانت ضرباً من ضروب إضاعة الوقت فيما لا فائدة منه. الترويح والترفيه واستعادة اللياقة النفسية عبر الفعاليات الفنية، بالمفهوم الشامل للفنون، كانت سفهاً ولهواً شيطانياً لا يحسن حتى الحديث عنه. فتح الأبواب للآخرين لزيارة المملكة والتجول فيها لم يكن وارداً حتى الحديث فيه، إذ كيف نسمح لهم بإفساد طهارة مجتمعنا ونقائه من كل الشوائب، ولكن حتى لو كان سُمح لهم جدلاً فماذا سيشاهدون في بلد مغلق على نفسه، إنساناً ومكاناً؟

كل شيء جميل موجود لدينا، لكن الحياة كانت ساكنة رتيبة حتى أوشكت على الاحتضار، وحين جاء من أنعشها بالأكسجين والصدمات الإيجابية لقلبها تجدد شبابها وحيويتها وأصبحنا نرى كل ما كان لا يُرى.

habutalib@hotmail.com