(بعض الحقيقة).. على غرار عنوان زاوية أستاذنا اللامع عيسى الحليان، هو ما نسعى إليه جميعنا عندما نكتب في الصحف، وكلنا -لا- بعضنا لا نقوى أن نأتي بها كلها دائماً لأسباب شتى.. وبعض الحقيقة أن الخطوط الجوية السعودية تمر بأضيق منعطفاتها في الوقت الراهن، وبعض الحقيقة أنها تتلقى في هذه الأيام طعنات من الخلف ومن الأمام تتوالى عليها وكأنها بعد مشوارها الطويل لا تستحق غير ذلك! وبعض الحقيقة أيضاً أنها تشرب من الجور أجاجاً ولا زالت تقوم بخدماتها وتطير بالناس إلى الأعالي وكأنها لا تسمع غير أصوات التصفيق لا العويل! وبعض الحقيقة يا سادة يا كرام أن أسعار تذاكرها بلغت أضعافاً مضاعفة مقارنة بأسعار التذاكر في شركات الطيران الأهلية الجديدة. وحين أقدم النابهون من حملة الأقلام على إعلان هذه الحقيقة للملأ تجاهلوا تماماً استخدام قدرتهم في الغوص بحثاً عن الأسباب والمسببات واكتفوا بسرد ظاهر الأرقام.. فقط وأحياناً الاكتفاء ببعض الحقيقة -الرقمية- عن طريق (الانتقاء) يقلبها إلى عكسها تماماً!. كما أنه يُضلل الرأي العام، ويجني على الضحية، ويضل بصاحبه عن الحق الذي هو لب الحقيقة وغايتها!
والحق أن شركات الطيران الجديدة سواء كانت (ناس) أو (سما) أصابت حين أطلقت على جهودها مسمى الطيران الاقتصادي ولم تطلق عليها مسمى (الطيران المخفض) وإن كانت تهدف من المسمى الحفاظ على سمعتها حتى لا يظن الناس وهم (المستهدفون) أن التخفيض يأتي على حساب الجودة في الأداء والسلامة في الطيران! لذا أصرت على أنها طيران اقتصادي وليس مخفضاً، ومعها حق فبهذه الطريقة في التسمية قدمت الحماية لسمعتها من ناحية، واحتفظت بجمهورها ليقبل عليها من ناحية أخرى.. هذا الجمهور هو وحده الذي تعده ركيزتها الأساسية في تحقيق المكاسب وليس أمامها غيره، فهي لم تدخل السوق لأن لديها أسطولاً فاخراً ومجهزاً -ولا- لأنها أسهمت في بناء البنى التحتية للمطارات السعودية، -ولا- لأنها تضم أكبر عدد من الخبرات والكفاءات البشرية المشغلة للخدمة، و-لا- لأي ميزة أخرى تراهن عليها سوى الجمهور والأرض التي تضم أكثر من (24 مليون) نسمة يخدمهم ستة وعشرون مطاراً تقريباً. وجغرافية الأرض شاسعة الأرجاء لا يوصل بين مدينة ومدينة سوى الطائرة التي تختصر المسافة والزمن معاً.. فكيف بعد هذا لا تنخفض أسعارها.. ولننتظر إلى سنوات قادمة حينئذ تذكّروا الأسعار!!!!
فأنت أيها القارئ الكريم الحصيف المستنير إذا أردت السكن في فندق خمس أو سبع نجوم تدفع ثمناً للغرفة غير الثمن الذي تدفعه لغرفة أو جناح في فندق أربع أو ثلاث نجوم! والحجة أن الخدمة بين الفندقين تختلف وبالتالي تكلفة التشغيل في الفندقين تختلف.. ولا تطمع مهما أوتيت من حصافة أو حصانة.. أن تدفع ثمناً متساوياً للفندقين المختلفين، أليس كذلك. إذاً كيف ينطبق هذا الاستشهاد في مجال الطيران الاقتصادي.. دعه للغد!