-A +A
محمد الهتار (جدة)تصوير: عمرو سلام
حينما كنت أضع محاور أسئلة عن التنويم المغناطيسي وعما اذا كانت له علاقة بالسحر وخزعبلاته اعترتني بما يشبه الرعشة والغفوة الخاطفة وشعرت بالدوار وفقدت السيطرة على حواسي غير أن هذه "الكبوه" سرعان ما تلاشت مثل زوبعة في فنجان حينما التقيت الدكتور سامي الحميدة الحاصل على درجة الدكتوراه في استراتيجيات العلاج النفسي الحديث وعضو الاكاديمية الطبية الدولية للطب والتحليل النفسي من فرنسا ولأن هاجس التنويم المغناطيسي كان لايزال يرمي بظلاله القاتمة في نفسي فقد سألت الدكتور الحميدة عن هذا "التنويم" وعلاقته بالشعوذة وعن الامراض التي تعالج بمثل هذا النوع من العلاج وعما اذا كانت له مدارس وفيما اذا كانت له علاقة بالنوم الحقيقي.

في البداية قال الحميدة ان التنويم المغناطيسي عبارة عن عملية تركيز على شيء معين مع اختفاء الشعور بالمحيط الخارجي والفرد في ذلك الوقت يكون في وضع استجابة للإيحاءات بسبب حدوث تغيرات في إدراكه الحسي أو ذاكرته أو مزاجه وهي حالة تشبه النوم ولكنها تختلف بحسب قابلية الخاضع للتنويم وتأثير المنوم " المعالج " حيث ينحصر انتباه الخاضع للتنويم المغناطيسي كليا فيما يمليه عليه " المنوم " من خلال حديثه معه.

تاريخ التنويم المغناطيسي متى بدأ؟

- التنويم المغناطيسي ظاهرة قديمة وبداية العلاج به تعود إلى الطبيب المصري (امحوتب) سنة 2850 قبل الميلاد والذي كان يستخدم في مدرسته الطبية طريقة تشبه الإيحاء للوصول إلى المخزن السري (العقل الباطن) من خلال ترك مرضاه ينامون وبعد ذلك ظهر الطبيب السويسري (باراسيلسوس) والذي استنتج أن أي مغناطيس يمكن أن يؤثر في الجسم البشري من خلال ذلك الانبعاث غير المرئي الذي يصدر من المغناطيس ثم أضاف " هلمونت " مفهوم المغناطيسية لكن وعلى يد العالم " فرانز انطون ميسمر " ذاع صيت العلاج المغناطيسي وأصبح الناس يتوافدون عليه ويؤمنون به بعد أن لاحظ أن تعريض المريض للمغناطيس يؤدي به التي تخفيف شكواه بدرجة كبيرة.

تركيز بصري

التنويم المغناطيسي هل له طريقة خاصة؟

- تعتمد على التركيز البصري على شيء محدد (نقطة في سقف الغرفة) وهو ينصت إلى صوت المنوم حتى يغمض جفنيه وتسترخي كل عضلات جسمه متتبعا في ذلك كل التعليمات الصادرة إليه بسبب اختفاء شعوره أو وعيه بالمحيط الخارجي رغم انه يبقى مفتوح العينين ومستوعبا لكل ما يدور حوله لكنه لا يتجاوب إلا مع شخص واحد وهو الشخص الذي قام بتنويمه مغناطيسيا.

معنى ذلك انه لا يخضع إلا لشخص واحد؟

- هذا صحيح الخاضع للتنويم المغناطيسي ورغم انه يدرك ما حوله ومفتوح العينين لكنه لا يعترف ولا يسمع إلا صوتاً واحداً هو المعالج والسبب انه يلغي كل شيء في ذاكرته ويفرغها تماما لتخزين صوت المعالج الذي يبدأ في السيطرة على شعوره ووعيه.

تقصد أن المعالج هو الوحيد الذي يستطيع أن يتحكم في تصرفات الخاضع لتنويمه المغنطيسي ؟

- نعم فمن أهم المتغيرات في التنويم القدرة على الاتصال بالعقل الباطن.

إذن هو احد الأعمال السحرية؟

- لا هو علم مثله مثل العلوم الأخرى شريطة أن يبتعد عنه ضعاف النفوس.

للأسف الذين استغلوا هذا العلم رغم عدم دراستهم وفهمهم له وأقحموه في أشياء هي بعيدة كل البعد عن العلم.

إذن هذا اعتراف أن التنويم المغناطيسي بالإمكان الاستفادة منه واستغلاله في بعض الأعمال السحرية؟

- لم اقل أن التنويم المغناطيسي هو احد الأعمال السحرية وإنما هو علم معروف وقديم جدا.

ذكرتم أن التنويم المغناطيسي شرع في الأساس للاستخدامات الطبية فما هي هذه الاستخدامات الطبية؟

- علاج بعض الأمراض العضوية وأيضا بعض الأمراض النفسية.

طالما أن التنويم المغناطيسي وحسبما تقولون انه علم وانه يسهم كثيرا في علاج الإنسان من بعض الأمراض العضوية وحتى النفسية لماذا لا نراه مستخدما بشكل واضح وعيانا؟

- أولا هذا العلم مازال البعض وبسبب دخول ضعاف النفوس ينظرون إليه انه عمل غير قانوني وثانيا انه بحاجة إلى دراسة متعمقة من الفرد حتى يتقنه ويصبح قادراً على الاستفادة منه وعلاج الآخرين به ولكن الأهم من كل ذلك أن يتصف المعالج ببعض الصفات التي لا تكون إلا فيه هو وحده.

ما المقصود بهذه الصفات؟

- من الأهمية أن ندرك أن المنوم المغناطيسي هو إنسان عادي لا يمتلك أي مقدرات أو إشعاعات دماغية كما قد يدعيه البعض ولكنه على دراية وخبرة كافية بهذا المجال ويجب أن يتصف المعالج بالوقار والاحترام والمحبة حتى يستطيع أن يسيطر على الآخرين بما يمتلك من قوة الشخصية والإرادة فنجاح التنويم يعتمد على طرق الإيحاء المختلفة إيحاء مباشر وإيحاء غير مباشر وإيحاء بعد التنويم ولكل نوع من الإيحاء ظواهر نفسية وأخرى فسيولوجية مع أهمية أن يصاحب مظاهر التنويم شعور الود والألفة بين المنوم والمنوم فهذه الألفة جعلت " فرويد " احد تلاميذ (شاركوت) يوصي بأهميتها ويؤكد عليها.

شعور بالدونية

وما الأمراض التي مازال البعض يعالجها بالتنويم المغناطيسي؟

حاليا القليل من الأطباء وخاصة النفسيين يلجأون إلى طريقة التنويم المغناطيسي لعلاج مشاكل الأعصاب والأرق والصداع والتخلص من إدمان الكحول أو المخدرات أو التدخين ومن الخوف والشعور بالدونية ومن بعض الآلام النفسية والجسدية وجميعها تقوم على خلق صورة عن الذات تندمج تدريجيا مع الشخصية بحيث يصل إلى ما يريد لكن مازال بعض الأطباء الأميركيين ومنذ بعض الوقت وهم يهتمون بالتنويم الذاتي المشتق من الإيحاء وذلك لمساعدة الفرد بشكل جاد على صقل شخصيته وتحرره من بعض العادات السيئة وإكسابه عادات أكثر ملاءمة له.

نبش الذاكرة

يقال إن فاقد الذاكرة بإمكانه أن يستعيد ذاكرته من خلال تنويمه تنويما مغناطيسيا؟

- التنويم المغناطيسي يستخدم لإثارة ذاكرة المريض واستكشاف أسباب الأعراض فقط فالخاضع للتنويم المغناطيسي يستعيد الحوادث التي لم يكن يستطيع تذكرها في حالة اليقظة لذلك ينظر إلى هذه الطريقة أنها أفضل السبل لاستعادة الذكريات ومعالجة بعض الأمراض وبالذات الذين يعانون من الخوف "الفوبيا".

وهل يتعارض العلاج بالتنويم المغناطيسي مع العلاج الدوائي؟

- هذا يحدده الطبيب النفسي ما إذا كانت الأدوية المهدئة تتعارض مع جلسات العلاج بالتنويم المغناطيسي.

ونستطيع أن نؤكد أن العلاج بالتنويم المغناطيسي هو علاج نافع لكل الأمراض؟

التنويم المغناطيسي تطبيقات عملية متعددة في مجال الطب النفسي ولكنه لا يكون علاجا بحد ذاته لأي نوع من أنواع الأمراض والعلل وإنما هو مجرد إحدى الطرق التي تسهل العلاج اللازم.

نوم اليقظة

هل توجد أي علاقة بين النوم الحقيقي وبين التنويم المغناطيسي؟

- لا توجد أي علاقة بين الاثنين فالنوم الحقيقي هو نوم رباني لا علاقة للبشر به بتاتا والنوم بطريقة التنويم المغناطيسي هو نوم يقظة.

الخاضع للتنويم المغناطيسي هل يقوم بتنفيذ كل ما يملى عليه من أفعال وتصرفات؟

- الخاضع تحت التنويم المغناطيسي لا يمكن أن يقوم بأي عمل لا يريده ولا يمكن أيضا إجباره على القيام بأعمال قد لا يرغب القيام بها أثناء عملية التنويم والدليل على ذلك أن هذه الطريقة قد استخدمت مع الطلبة المغتربين وذلك بمحاولة انضمامهم مع عائلاتهم عن طريق التنويم المغناطيسي وشعروا بالراحة التامة وطلبوا المزيد من ذلك وعندما سئلوا عن المواقف التي شاهدوها سردوا تلك المواقف والبعض الآخر لم يتجاوبوا بتاتا.

ضعاف النفوس

وهل صحيح أن الخاضع للتنويم المغناطيسي يكون غير قادر عن الدفاع عن نفسه كان يعتدى عليه أو أن يتفوه بأشياء خفية؟

- في كل مهنة يوجد ضعاف النفوس لذلك معظم الأطباء الذين يستخدمون التنويم المغناطيسي حاليا يشترطون وجود احد أقارب أو أصدقاء المنوم درءا لهذه التفسيرات.

وهل يتقمص الخاضع للتنويم المغناطيسي شخصية غير شخصيته الحقيقية؟

- أبدا هذا ضرب من ضروب الخيال فالإنسان لا يعيش إلا بشخصيته الحقيقية.

تنويم ذاتي

وهل بإمكان الإنسان العادي أن ينوم نفسه تنويما ذاتيا؟

- نعم بالإمكان من خلال الاسترخاء التام في مكان منعزل ومريح وهادئ والجلوس أو الاستلقاء ثم تغميض العينين والعد التنازلي من 10 – 1 والتركيز على النفس وعند الشعور بالاسترخاء العميق يبدأ الإيحاء للنفس الشعور بالهدوء وأنها قادرة على إدارة ظروفها جيدا ومواجهة أي مشاكل قد تعترضها فهذه الطريقة من الممكن أن يلجأ إليها الإنسان عن الشعور بأي ضغوط نفسية أو مع نهاية يوم شاق ومرهق للتخلص من التوتر وعندما يريد الخروج من حالة التنويم الذاتي فقط يعد من 1 – 3 ثم افتح يفتح عينيه.

وما صحة وجود علاقة بين التنويم المغناطيسي وبعض الأعمال الخارقة؟

- للأسف هذه من الادعاءات الخاطئة ومنها الادعاء برفع الأجسام في الهواء .

إذن لا علاقة بين جعل الإنسان يطير في الهواء وبين التنويم المغناطيسي؟

- نعم وتلك الأفعال هي أفعال سحرية بعيدة عن هذا العلم تماما.

لكن البعض يؤكد أن التنويم المغناطيسي يفعل العجائب في الإنسان كان يجعله يتصل بأرواح الأموات ويستحضرها أو أن يرى الأشياء الدفينة تحت الأرض أو أن يكتسب قوة جسدية خارقة؟

- هذه خيالات وأوهام وأكاذيب وزيف

أيضا يقال إن المعالج بالتنويم المغناطيسي يستخدم الجان في علاجه؟

- هذه شعوذة ولا علاقة لها بهذا العلم بتاتا.