-A +A
طلال علي زارع
دول العالم في غمرة انشغالها بالحروب والصراعات والفساد، عليها أن تقرأ جيداً ما كشف عنه جيمس موريس المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس يوم الجمعة الماضي حول وفاة حوالى ثمانية عشر ألف طفل يومياً بسبب الجوع وسوء التغذية، ويعد ذلك تحدياً لافتاً للعالم في العام الجديد.
اليوم يعاني حوالى 850 مليون إنسان من الجوع وسوء التغذية نصفهم من الأطفال، وتعتبر هذه حقيقة مخجلة ووصمة عار على جبين المجتمع الدولي، وتتطلب حلولاً عاجلة. والعدد الأكبر من الأطفال الذين يعانون سوء التغذية يعيشون في الهند، حيث يقدر عددهم بأكثر من مائة مليون، وفي الصين حوالى 40 مليوناً، وربما مائة مليون في بقية آسيا ومائة مليون في افريقيا، و30 مليوناً في أمريكا اللاتينية، ويزداد العدد الحقيقي للجياع في العالم بنحو خمسة ملايين إنسان نتيجة زيادة عدد السكان.

ودعا مدير وكالة الغذاء العالمي الطلبة والشباب ورجال الدين ورجال الأعمال والحكومات إلى التعاون لتخفيف وإزالة الجوع من العالم وخاصة بين الأطفال وقال إن إيجاد علاج لمشكلة الجوع يعد من أفضل السبل للقضاء على الفقر والأمية وفيروس الإيدز.
وهناك قضيتان ملحتان تحتاجان إلى اهتمام هما ازدياد عدد الفقراء وتزايد عدد الكوارث الطبيعية حول العالم، التي ارتفعت بحوالى أربعة أضعاف خلال الثلاثين سنة الأخيرة، وفقاً لتقرير البنك الدولي، وهذا يعني أن بضعة ملايين من البشر يحتاجون إلى مساعدة فورية خلال العقد الأخير بسبب الكوارث الطبيعية مثل تسونامي أو زلزال باكستان أو الجفاف في افريقيا، وكذلك بسبب الصراعات والنزاعات والحروب كما يحدث في العراق وفلسطين ولبنان والصومال والسودان وأفغانستان.
ومع أن أموالاً هائلة تصرف على شراء السلاح والحروب، فإن كثيراً من البشر يعانون الفقر والجوع والمرض في كل مكان! وأظهرت تقارير دولية بأن الإنفاق العسكري في العالم يتزايد منذ انتهاء الحرب الباردة، وبلغ حالياً حوالى ألف مليار دولار تنفق نصفه تقريباً أمريكاً.
إن الجوع أكثر فتكاً بالأرواح من أمراض الإيدز والسل والملاريا مجتمعة، ويحرم ملايين الأطفال في مختلف أرجاء العالم من الذهاب إلى المدارس، وحتى لو حاول الأطفال الذهاب إلى المدارس، وهم يعانون من الجوع فإنهم يكونون فاقدي القدرة على التركيز في متابعة دروسهم كما جاء في تقرير للأمم المتحدة العام الماضي.
ودعا التقرير أيضاً إلى تعزيز برامج التغذية داخل المدارس وفي المناطق الفقيرة، لأن توفير التغذية في المدارس يمثل عاملاً يحفز الأطفال في المناطق الفقيرة على التعلم والتردد على المدارس، كما يحث التقرير على توسيع برامج التغذية في المناطق المتضررة من الجوع، وتوعية النساء والعائلات بأهمية التغذية الصحية خلال سنوات الطفولة الأولى.
وتعتبر المملكة من الدول الرائدة في تقديم المساعدات والمعونات لمختلف الدول المتضررة من الكوارث والنكبات والمجاعات.. وقد أثنى جيمس موريس أثناء زيارته للمملكة على الدعم الضخم الذي تقدمه المملكة حكومة وشعباً من أجل مكافحة الجوع وسوء التغذية حول العالم. وبين أن المملكة تعد أكبر دولة مانحة في الشرق الأوسط، وتبوأت المركز السادس عشر في العام الماضي من بين الدول المانحة التي تقدم تبرعات إلى مشاريع برنامج الغذاء العالمي حول العالم.
وهناك حاجة ماسة لبذل جهود جبارة من كافة دول العالم لمكافحة الجوع وسوء التغذية وخاصة عند الأطفال في أي مكان من العالم عن طريق التعاون والتكافل ونشر العلم والمعرفة.
وإذا اتبعنا ما أمرنا به ديننا الحنيف من صالح الأعمال كالزكاة والصدقة والتعاون والبر والإحسان لتمكنا من حل هذه المشكلة.
قال جونسون: «الشبعان لا يفهم معنى الجوع».
talzari@yahoo.com