عرضنا في الحلقة الماضية من هذه الجولة معاناة اهالي محافظة بدر مع مخاطر الطريق القديم الموصل اليها وما يتخلل ذلك من مخاطر تساقط الصخور. وفي الجزء الثاني من هذه الحلقة نعرض معاناة الاهالي مع الرمال الزاحفة وماتشكله من مخاطر صحية ومرورية في آن واحد معاً. تنتشر هذه الكثبان من الجهة الشمالية الغربية وهي كثبان عالية الارتفاع كأنها جبال شامخة وتعرف باسم العدوة الدنيا (او كثيب الحنان) كما يطلق عليها المؤرخون واهالي بدر.كثبان رملية اخرى متوسطة الارتفاع تحاصر (بدر) من الناحية الجنوبية وتحديدا من جهة (العدوة القصوى) اضافة الى كثبان رملية بسيطة تقع خلف حي الشهداء بالقرب من مقبرة شهداء بدر وهي عبارة عن كثبان رملية صغيرة الحجم ولكنها تزحف احيانا الى وسط الحي وذلك عندما تهب العواصف والرياح حيث يزداد نشاط حركة هذه الكثبان الرملية مع زيادة هبوب الرياح.
بعض اهالي محافظة بدر يخافون اشد الخوف على انفسهم من خطر زحف الكثبان الرملية على الرغم من انها لا تزحف الا بشكل بطئ وبفعل الرياح القوية التي تهب على المنطقة في بعض الاحيان فتحرك تلك الكثبان تجاه المزارع وبيوت الأهالي والطرق المؤدية الى بدر وهذا امر مشاهد من قبل سكان المحافظة الذين يضعون ايديهم على قلوبهم في ان يروا ذات يوم بيوتهم وقد تحولت الى اطلال من الماضي بسبب دفنها من قبل الكثبان الرملية خصوصا بعد أن امتد البنيان الى جوانب تلك الكثبان. يروي علي سعيد منظور وفهد عبدالمعين الشريف عن خطر هذه الكثبان والمخاطر التي تحف بالسكان والمزارع القريبة منها: عندما تهب الرياح تغطي طبقة كبيرة من الكثبان الرملية الطريق المؤدي الى بدر وهو الطريق المتفرع من الطريق السريع شمال بدر حيث تزحف كمية كبيرة من تلك الكثبان الرملية بشكل سريع بفعل الرياح القوية التي تهب على المحافظة الى المنازل القريبة من تلك الكثبان وذلك بسبب انه لم يعمل اية احتياطات لتفادي وصول الرمال الزاحفة الى داخل البيوت وايضا تهديدها للمزارع القريبة والتي كانت في السابق بعيدة عن النطاق العمراني ولكنها الان تكاد تكون وسط المحافظة.
مضيفين: وقد شاهدنا الرمال عندما تهب الرياح القوية تزحف بسرعة هائلة تجاه الطريق المؤدي الى بدر وتغطيه بالكامل وتوقف حركة السير على طريق بدر المؤدي الى الطريق السريع وبعد فترة ازيلت تلك الرمال من قبل الجهات المختصة بالطرق.
نقطة اخرى مهمة يشير اليها هؤلاء المواطنون وهي ان اعمال البناء على قدم وساق بالقرب من الرمال الزاحفة من الجهة الغربية للمحافظة والخوف كل الخوف في ان يستمر التمدد العمراني فيطول تلك الكثبان وهذا بلا شك فيه مخاطرة كبيرة على حياة الناس ولابد من منع هؤلاء من التعدي على الكثبان الرملية لانها تزحف كلما هبت الرياح ولا يعلم متى تصل الى مساكن الاهالي لان البعض قد استهان بخطر تلك الكثبان الرملية وزاد الطين بلة انشاء حظائر للماشية على اطراف تلك الرمال الزاحفة.
وبعد ان تنتقل الى وسط المحافظة بالقرب من مقبرة الشهداء يوجد خلف هذه المقبرة حي يعرف باسم (الشهداء) وبامعان النظر خلف ذلك الحي الذي يقطنه كثير من السكان تجد كثباناً رملية ليست بالكبيرة وقد بنيت على سفوحها بعض المنازل عندها سألت المواطن مبارك عبدالرحيم الصبحي الذي يقع منزله قريباً من تلك الكثبان الرملية عن خطر تلك الرمال الزاحفة اذا هبت الرياح على مدار السنة فقال على الفور: اننا نسكن هنا في هذا الحي الجميل القريب من مقبرة شهداء بدر واما الكثبان الرملية الواقعة خلف حينا فلا خوف منها لانها قليلة الزحف ولم يسبق ان زحفت بشكل كبير وانما التي تزحف بشكل كبير هي الكثبان التي تكون في بداية دخولك لمحافظة بدر وقد رأينا الطرق المؤدية للمحافظة من الجهة الشمالية وقد زحفت عليها الكثبان الرملية واحيانا تغطيها بالكامل كما ان البعض يتهور ويبني بالقرب من تلك الكثبان.
ويشير مبارك الى ان تحرك الكثبان الرملية فيه خطر على السكان والمزارع ايضا لانها قد تردم الآبار المنتشرة قرب المحافظة كما تطمر الواحات والوديان نظرا لقرب بعض المزارع من تلك الرمال الزاحفة وخصوصا من الجهة الشمالية للمحافظة.ولم تقتصر معاناة اهالي بدر مع زحف الرمال بل تصل الى تعكير صفو الاهالي خاصة اثناء هبوب الرياح الامر الذي يؤدي الى ارتفاع الاصابة بالامراض الصدرية.
من جانبه اشار عبيدالله الشريف الى ان الامراض الصدرية تنتشر بين ابناء المحافظة نتيجة الغبار الذي تخلفه الرمال بمجرد هبوب الرياح وسحبها للرمال الزاحفة تجاه السكان القاطنين بالقرب منها.
التطعيس على الرمال الزاحفة
وعلى الرغم من خطورة الكثبان الرملية التي تحيط بمحافظة بدر الا ان بعض الشباب المتهورين يقومون برياضة التطعيس عليها غير مكترثين بعواقب هذه الاعمال المتهورة ورغم انها تكثر في اوقات الاجازات الا انه لا يوجد من رجال الامن من يمنع مثل هذه التصرفات حيث يؤكد حميدان الصبحي وتركي المحمادي ان هذه التصرفات قد تعرض الاسر للخطر خاصة ان بعض الاسر تتنزه في نفس الموقع وقيام الشباب بمثل هذه التصرفات بجوار الاسر المتنزهة يعد خطرا يهدد سلامتها.
في محافظة بدر لا يجد ابناؤها وبناتها وسيلة لاكمال تعليمهم العالي. وتؤكد الاحصائيات الرسمية ان محافظة بدر تعتبر من اكبر محافظات منطقة المدينة المنورة وعلى الرغم من ذلك لم تشفع هذه الاحصائيات الرسمية للمحافظة في افتتاح أي كلية ولو كانت للبنات بصفة خاصة الامر الذي اصبح يشكل هاجساً للمواطنين.
يؤكد عبدالله الشريف رئيس نادي الغزوة ببدر ان محافظة بدر في امس الحاجة الى افتتاح كلية تربية للبنات واخرى للبنين مشيرا الى كبر حجم المحافظة وسكانها وتوافر العوامل التي توجب افتتاح الكلية ومنها كثرة المدارس والاعداد الكبيرة للخريجين والخريجات سنويا مشيرا الى حرص الدولة على تحقيق النهضة التعليمية ما جعل المواطنين يطالبون المسؤولين في التعليم العالي بسرعة البت في انشاء كلية في هذه المحافظة.
ويقول الشريف: ان هذا المطلب لم يأت من فراغ بل لأن العديد من المواطنين قد لقوا حتفهم ضحية الحوادث اثناء سفرهم من اجل التقديم لبناتهم في الكليات التي تقع في المدن والمحافظات الاخرى مثل المدينة المنورة وينبع وجدة ومكة المكرمة.
ويعبر نامي الشريف عن حجم المعاناة الكبيرة التي يعيشها ابناء وبنات محافظة (بدر) المتخرجون من الثانوية العامة بشتى اقسامها في ظل الاخطار التي يتعرضون لها في تنقلاتهم بين بدر والمدينة المنورة وينبع للالتحاق باحدى هذه الكليات مؤكداً ان هذه المعاناة لم تجد حلا لدى المسؤولين في كليات البنات حتى الان على الرغم من فقد الكثير من الطالبات وأولياء امورهن جراء حوادث الطرق التي تربط المحافظة بالمناطق التي يترددون عليها.
ويضيف الشريف ان اهل المحافظة لا يعلمون كيف سيكون مصير خريجي وخريجات الثانوية الذين يرغبون في مواصلة تعليمهم اذا لم يقبلوا في كليات المدينة وينبع.
وحذر علي السيد من استمرار المعاناة لدى شباب وشابات المحافظة واهلهم مع حوادث الطرق التي تقع باستمرار مبينا انه لن ينهي المشكلة الا افتتاح كلية للبنات في بدر. نظرا للمسافات الطويلة التي تقطعها الطالبات واولياء امورهن (خصوصا) حيث تبعد كليات المدينة عن محافظة بدر مسافة 160كلم ذهابا ومثلها ايابا مما يعرضهن لمخاطر الطريق والرجوع في وقت العصر على اقل تقدير.
وقد اكد ولي امر احدى الطالبات الدارسات خارج محافظة بدر وهو طحيمر المشدق وجود صعوبات تواجهها الطالبات في رحلات الذهاب والاياب حيث يضطررن الى السفر لمسافة400كم ذهابا وايابا من اجل الوصول الى الكلية في المدينة المنورة وذكر انه لا يريد ادخال ابنته الكلية لان السكن الخاص يكلف كل طالبة ما يقارب الالف ريال عن كل فصل دراسي في ظل عدم توفر السكن الحكومي. ويضيف المشدق امرا اخر حز في نفسه كثيرا وهو انه يعرف طالبات من المحافظة من الاوائل على دفعاتهن ولكن لم يتيسر لهن دخول الكليات لظروفهن الاسرية الصعبة منها الحالة المعيشية للاسرة مما جعلهن يضعن شهاداتهن على جدران المنازل ولا يستفدن منها على الرغم من انهن يردن مواصلة تعليمهن العالي.
بدر.. قريش كانت هنا (الحلقة الأخيرة)
«بدر » فوق رمال متحركة تتهدد المساكن والمزارع والطرق
18 فبراير 2007 - 18:45
|
آخر تحديث 18 فبراير 2007 - 18:45
تابع قناة عكاظ على الواتساب
جولة : مهل العوفي «المدينة المنورة»