-A +A
طلال علي زارع
حلّ فصل الشتاء أبرد فصل في السنة، وترتيبه بين فصلي الخريف والربيع، ويأتي اسم الشتاء Winter من كلمة ألمانية قديمة تعني وقت الماء Time Of Water، وتشير إلى هطول الأمطار والثلوج.. ويُكيّف الإنسان نمط حياته ليناسب فصول السنة، فالشتاء له ملابسه وطعامه وشرابه وألعابه.. ويحلو السهر والسمر في لياليه الطويلة.. ويؤثر الطقس كثيراً على حياته، ولذلك يهتم كثير من وسائل الإعلام بأحوال الطقس من درجة حرارة ورطوبة وغيوم وأمطار وثلوج وعواصف.. ومع ذلك لا يُتابع كثير من العرب أحوال الطقس، ربما لأن صيفهم طويل وشتاءهم قصير، فهم يعرفون ما هو طقسهم غداً في أغلب أيام السنة دون الرجوع إلى النشرات الجوية!
وفي النصف الشمالي للكرة الأرضية عموماً يمتدّ الشتاء من أقصر نهار، الذي يُوافق تقريباً الأسبوع الثالث من ديسمبر إلى اليوم الذي يتساوى فيه النهار مع الليل الذي يوافق الأسبوع الثالث من مارس، أما في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية فإنه يمتد من الأسبوع الثالث من يونيو إلى الأسبوع الثالث من سبتمبر، وتتميز المناطق الاستوائية بارتفاع درجة حرارتها بانتظام على مدار السنة، وتنخفض درجة الحرارة عموماً كلما ابتعدنا عن خط الاستواء. ويكون الشتاء طويلاً والصيف قصيراً في المناطق القطبية.. ويعيش أغلب سكان الإسكيمو في مناطق تعدّ من أقسى مناطق العالم برودة ووعورة. وهذه المناطق هي التي يُطلق عليها «أرض شمس منتصف الليل» لأن الشمس تشرق طوال اليوم، في فترة محدودة خلال فصل الصيف، كما يُطلق على بلاد الإسكيمو أيضاً «أرض قمر الظهيرة»، لأن الشمس لا تُشرق مطلقاً خلال فترة محدودة من فصل الشتاء.. وشعب الإسكيمو يعيش في المناطق القطبية الشمالية والمناطق القريبة منها كسيبيريا وألاسكا وكندا وجرينلاند.. واتبعوا عبر آلاف السنين أسلوباً تقليدياً في الحياة منسجماً مع بيئتهم. فاصطادوا الفقمات وفيلة البحر والدببة القطبية والحيتان والأسماك ووعول الكاريبو، وفي فصل الشتاء يعيشون في بيوت من الجليد، أو ملاجئ مصنوعة من الطبقة العليا من التربة، وينتقلون على الأرض المغطاة بالثلوج بواسطة الزلاجات التي تجرها الكلاب..

والفصول لها تأثير عظيم على حياة النباتات والحيوانات.. ويرتبط مفهوم الشتاء مع فصل السكون والخمول والراحة،. ففي الشتاء تعيش بعض الحيوانات بياتاً شتوياً أو تحتمي في جحورها الدافئة.. وبذور بعض النباتات لها أغلفة صلبة لحمايتها من البرد أو أن براعمها مغلفة بالشمع لوقايتها من الثلج.. والاحتباس الحراري وما نتج عنه من ذوبان الثلوج القطبية، يُؤثر سلبياً على حياة الكائنات الحية ويهدد بانقراض كثير منها.. فعلى سبيل المثال، أدرجت أمريكا مؤخراً الدب القطبي في لائحة الحيوانات المهددة بالانقراض بعد الاحتباس الحراري الذي أدى إلى ذوبان الجليد في القطب الشمالي، كما أن الدببة حرمت من سبات الشتاء.. وكذلك بعض النباتات أزهرت قبل الربيع بسبب ارتفاع درجة الحرارة، فالتغيرات المناخية أحدثت فوضى مناخية، فبعض المناطق الدافئة تعرضت لشتاء قارس مثل دول الخليج، بينما بعض المناطق الباردة تميّز شتاؤها بالدفء مثل هولندا.. وكان للدول العربية نصيب في تساقط الثلوج كفلسطين ولبنان والأردن.. كما تشهد في هذه الأيام المناطق الشمالية من المملكة تساقطاً للثلوج، وشاهدنا صوراً للثلوج وهي تغطي قمم الجبال كجبل اللوز غرب تبوك.. ومن أجمل الأماكن التي رأيتها في فصل الشتاء جبال روكي المغطاة بالثلوج في ولاية كلورادو الأمريكية.
وفي دراسة ميدانية بمدينة نيويورك وُجد أن أكثر من ثلث البالغين يُعانون اضطراباً في حالتهم المزاجية اثناء الشتاء حيث تطول ساعات الليل.. كما وجد أن ستة أشخاص من كل مائة يُعانون اكتئاباً شديداً في فصل الشتاء.. ومن أمراض الشتاء أيضاً الزكام والسعال والإنفلونزا.. ويُنصح في البرد بتناول المشروبات الساخنة، ولا تنس شراب الزنجبيل والعسل والليمون وعصير البرتقال.. واحذر من مغبة استخدام الفحم والحطب في التدفئة تحسباً من الاختناق..
قال شيللي: «إذا أقبل الشتاء لم يكن الربيع بعيداً».. وكل شتاء وأنتم بخير.
talzari@yahoo.com