-A +A
علي فقندش (جدة)
من اجل الفن وتحديدا من اجل الموسيقى، كمؤلف وكمقطوعة ولوحة اوركسترالية كلاسيكية او عصرية او حديثة كانت كما ساهم في تأليفها. كان الفنان الموسيقار حامد عمر لا يتردد في التعبير عما يجيش في دواخله من آراء تجاه اي عمل فني أو اي رأي او خطأ دارج وعام.. تجده دوما يحاول التصحيح.

حامد عمر حامد العولقي وهذا هو اسمه الكامل كان يقول انه اخفى اسم العائلة كي لا تتضرر العلاقة بينه ووالده في مطلع شبابه، والذي كان لا يعترف بالفن كتفرغ وحياة مستقبلية من الممكن ان يعتمد عليها الانسان في الحياة المعيشية وغيرها، لذا كان الاكتفاء بـ«حامد عمر» فقط.

حامد عمر المؤلف الموسيقي الكبير توفى في 23/1/1427 (22/2/2006) في جدة بعد صراع مع المرض ومراجعات عدة بين المستشفيات وهو من مواليد مكة المكرمة في شهر رجب 1357هـ (1938) وتلقى تعليمه الابتدائي بها ثم واصل دراسته في معهد ليوناردو دافنتشي الايطالي للموسيقى بالقاهرة ثم وبعد تخرجه عمل في مراقبة المطبوعات بمطار الملك عبدالعزيز بجدة ثم مديرا لادارة الصحافة العربية بوزارة الاعلام 1997 - 1417هـ وعمل حامد عمر بالتأليف الموسيقى والتلحين والكتابة الادبية والاهتمام بالتحف والآثار وكذلك تصميم الديكور.



بداية التأليف

كانت بداية حامد عمر مع التأليف الموسيقي في العام 1959م 1379هـ عندما الف اول مقطوعة موسيقية له اسماها «امسياتي» والتي الحقها بـ«إشراقة» الى ان بلغ رصيده عشرين مقطوعة موسيقية في العام 1983م/ 1403هـ عندما توقف عن التأليف الموسيقي ليبدأ مجددا في الارتواء من موسيقى العالم الكلاسيكية، هذا الامر الذي لم يمنعه من تقديم بعض المقطوعات الشرقية من حين لآخر منها مقطوعة «الزفة» و«الهدى» و«الجزائر» و«أمل» وفيما بعد عمله الكبير «القافلة» كما طرق باب التلحين ولحن العديد من الاعمال الغنائية مثل «البنت ام صغيرة» بصوت الراحلة عليا التونسية واغنية «النسائم» بصوت كل من وديع الصافي ووفاء مصطفى وشدت ببعض الحانه فرقة الثلاثي الشهير «الثلاثي المرح» في مصر.



محو الامية الموسيقية

شخصيا كنت استمتع بفن الرجل وهامته الموسيقية والفكرية الكبيرة عندما ازوره بمنزله رحمه الله فكان يصر على تحسين ذائقة محبيه الموسيقية بل وتنميتها وان يتسع افق اي صحافي في عالم الموسيقى «وعلى الأقل» الا يكون شبه امي اذا ما دخل في نقاش موسيقى وفني مع زميل له من خارج المملكة في اي وقت كان هكذا يقول لي:

من العيب ان لا يعرف صحافي متخصص كبار اساطين الموسيقى في العالم وكان يصر على اشباعي وليس اسماعي فقط من موسيقى العالم والكبار من المؤلفين الموسيقيين وتحديدا ان يبين لي ما معنى «اوبرا» و«اوبريت» في الموسيقى وينتقد تسميتنا في الصحافة لبعض اللوحات الموسيقية المتوائمة «اوبريتا» ويصر على موقفه من ان نتعامل علميا مع هذا الجانب اذ لا يكفي ان نردد المعلومة او التسمية التي كانت منذ نشأتها خطأ في خطأ وأن «الاوبريت» تصغير اوبرا وهو عمل درامي موسيقي وليس فقط كما هو سائد لدينا ومن أقواله ايضا عندما سئل عن ابداعه الموسيقي عالميا: دربت اذني على الاصغاء طويلا للفن الرفيع، واقامتي في القاهرة اتاحت لي فرصة التعرف على كبار الموسيقيين مثل عبدالرحيم نويرة وغيره، روحي شرقية وعربية والدراسة علمتني فن التعامل مع الآلة امي اشترت لي اول عود بعد ان تعلمت على ايدي صديق واستاذ فلسطيني كيف اعزف، الاغاني الحديثة معظمها هابط ومهمتها افساد ذائقة ابنائنا الفنية.

اصدقاؤه «رحمه الله» من كبار موسيقيي العالم، مثل عبدالحليم نويرة ومنصور الرحباني ومدحت عاصم ويوسف شوقي والموسيقار العالمي سلفادور عرنيطة اما حبه الكبير للموسيقى العالمية فكانت عن طريق حبه لعباقرتها الكبار وتشبعه بالاستماع لابداعاتهم مثل بيتهوفن وشتراوس وموزارت ومونتفردي وكاتشيو توريان وكورساكوف. وكان «رحمه الله» يعتز بعلاقته من الموسيقيين السعوديين الكبار مثل طارق عبدالحكيم وغازي علي.

عرف ايضا عن الموسيقار حامد عمر حبه الكبير للسفر والسياحة في ارض الله وجمع التراث والآثار بشكل عام وكل ما له علاقة بالموسيقى على وجه التحديد.

ترك حامد عمر «رحمه الله» ابناء ثلاثة بعد رحيله هم غسان وامل وصفاء الذين سبق له ان قدم مؤلفات ومقطوعات موسيقية باسمائهم وهذا شأن الموسيقيين العظام بشكل عام.



آراء عظيمة

والملحن والموسيقي الكبير جميل محمود يقول عن الراحل حامد عمر: كانت خطواته في عالم الفن جميلة كجماله في التعامل مع الاخرين كانت تعجبني آراؤه العظيمة في عالم الموسيقى والفن منها رأيه في ان احتياج المؤلف الموسيقي والملحن لسماع الموسيقى توازي احتياج الاديب والكاتب للقراءة «بمعنى ان فاقد الشيء لا يعطيه» لانك لو تمعنت جيدا في ذلك تجد انه يصر على ان لا يكون في عالم الموسيقى «اميون موسيقيون» اذ يجب ان تكون وجبات السماع اكثر ودائمة مع ارتفاع وسمو الذائقة لديه وكان يصر في السنوات الاخيرة على رأيه في ان الامل في الاغنية العربية معقود على علي الحجار وماجدة الرومي والباقي لا.. لا.. ربما كان لارتباطه بالعمل الاوبرالي والموسيقي الكبير سبب في هذا الرأي كذلك تعمقه في كلاسيكيات الموسيقى العالمية التي تشرب منها حتى النخاع.

البعض من زملاء ساحة الفن ربما كان على خصام مع الراحل كونه كان واضحا وصريحا ولا يجامل في العمل الفني، وتحديدا في الموسيقى والتأليف الموسيقي الذي هو عشقه الاول.