-A +A
خالد العصيمي (الدوادمي)
تقع محافظة الدوادمي في عالية نجد وتبعد عن العاصمة الرياض 003 كلم من جهة الغرب ويتميز مناخها بالاعتدال، حيث دلت نتائج الأبحاث على أن الإنسان استوطن فيها قبل حوالي 003 ألف سنة. وتذكر بعض المصادر التاريخية أن الأصل في تسمية محافظة الدوادمي بهذا الاسم يرجع إلى أن من يرد إلى الدوادمي ويشرب من مائها فإنه يصاب بداء. فسميت (داء ورد) وفيما بعد حفر بئر آخر صالح للشرب فتغير اسمها إلى (دوادمني) والذي اختصر بعد ذلك إلى (دوادمي) وتعود نشأتها إلى أواخر القرن العاشر وأوائل القرن الحادي عشر.

وأتت نقــطـــة التحـــــول الـتــــاريخــــي لهــــذه المحافــظـــــة حين اتخــذهـــا الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - سكــنـــا لـــه فــــي إحــــدى مـــراحــــل جهوده لتوحيد أجزاء الوطن حيث بنى فيها قصره الذي يستقبل فيه أبناء شعبه من المحافظة والقرى والهجر القريبة منها أثناء مروره ذاهباً إلى الحجاز أو عائداً منه.
ويقع القصـــر فــي غـــربــي المحافظة على طريق الرياض – الحجاز القديم-، وقد أصدر الملك عبدالعزيز ( رحمه الله ) أمره ببنـــائــــه في 7 صفر 1349هـ إلـى عبدالرحمن أبوبكر – أحد أعيان الدوادمي – وفي ربيع الأول من عام 1350 هـ حضر الملك عبدالعــزيز بنفـســـه وحدد مكان بنائه ومساحته. وقد استغـــرق بناء القصــــر ثلاثة عشر شهراً بتكلفـــة ثلاثة آلاف.
وكانت الدوادمي عبارة عـــن قــــريـــة صغيـــرة تقـــع على ضفة الوادي الشـمــالــيـة محاطة بســــور له دوائـــر شمالية وجنوبية، وبقــــيت محدودة النمو حتى عام 1386هـ حيث افــتـتـحـــت بلدية الدوادمي وبدأت المدينــــة في التطور والاتساع، وتزخر الدوادمي بآثار إسلامية عـــديـــــدة وأخرى تعود لما قبل التاريخ حيث دلت الكشــــوف الأثــريــــة عـــلى وجود آثار مساكن قـــديمــة في جبل البيضتين؛ حيث يوجد في بعض أجزائه نقــــوش حيوانية ويوجد في جبل براقة بقايا أضرحة تعود إلـــى ما قـبــل ألـفــي عـــام، كما تحتوي المحافظة موقـعــاً أثرياً مهماً من أبرزهـــا قصر الملك عبدالعزيز ، ونقشا مأسل، وآثار وُضاخ، وآثار أشقر البرّاقة وآثار مُجَيرة، وبركة طخفة، وآثار مِنْية، وآثار جبل ثهلان، وآثار غـُرَّب، وآثار مصيقرة، وهضبة الظـّعيّنة، وآثار السدرية، وآثار معدن النّجادي، وقصر بسام، وتشتهر المحافظة كذلك بمعادنها وخصوصاَ منطقة سمرة والسدرية حيث توجد بها الفضة والكبريت والنحاس الأحمر وغيرها من المعادن..
النقوش في الدوادمي
يؤكد مدير مكتب الهيئة العامة للسياحة والآثار بالدوادمي عبدالله بن ضاوي الرويس أن المحافظة يوجد بها أكثر من 35 موقعاً أثرياً مهماً تحتوي بعض أجزائها على نقوش حيوانية ورسوم وكتابات تاريخية، ومن أهمها نقشان تاريخيان كتبا بالخط السبئي في مركز مأسل 40 كم من المحافظة، وصاحب النقش الأول هو الملك أبكر أسعد من أشهر ملوك حمير التبابعة، والثاني فهو الملك معد يكرب الحميري وإلى الجنوب بعيد من هذين النقشين تظهر على واجهات الجبال نقوش ورسوم على صخور كبيرة لوعول والنعام، وفي الجنوب الأوسط من المحافظة.
وأضاف: توجد آثار جبل ثهلان التي تحتوي على رسوم الأسـُود في مطيوي دلعة في الجهة الجنوبية الغربية، بالإضافة إلى رسوم لمجموعة بشر على هيئة راقصة، وفي صمة الريان رسوم لبقر الوحش.
كــمــا توجد آثار أشقر البراقة في جبال الأسودة جنوب غرب المحافظة وتحتوي على رسوم للحيوانات البرية كإشارات إلى حرفة الزراعة بالمحافظة.
11 ألف قطعة أثرية
أعادت 11 ألف قطعة أثرية والعديد من النقوش والرسومات الصخرية في محافظة الدوادمي قراءة تاريخ المكان إلى العصر الحجري، وتحديدا قبل أكثر من مائة ألف سنة.
وحصرت المسوحات الميدانية التي قامت بها الهيئة العامة للسياحة والآثار أكثر من 25 موقعا أثريا، أبرزها موقع صفاقة جنوب المحافظة، وفي الشرق موقع ماسل. وتهبط الدوادمي على سهل تحيط به سلسلة جبال متصلة ومتقطعة، وأسهم موقعها الجغرافي في تكوين بيئة سكانية عامرة منذ سنوات لخصوبة أرضها وسهولها للرعي وبوصفها محطة توقف للعديد من القوافل التجارية التي تعبر صحراء نجد.
وتعد الدوادمي من الناحية الأثرية من أهم المواقع التي لفتت نظر الباحثين والمهتمين، فبدأت عمليات المسح منذ عام 1979م، التي أسهمت في اكتشاف العديد من المواقع والعثور على قطع نادرة.
ووفقا لمدير مكتب السياحة والآثار بمحافظة الدوادمي عبدالله العتيبي فإن موقع صفاقة الذي يبعد عن المحافظة 20 كلم جنوبا والمكتشف عام 1979م لا تزال الاكتشافات الأثرية قائمة، بالإضافة إلى المسوحات الأثرية في موقع ماسل أو ما يسمى بجبل الجمح الذي يبعد حوالى 40 كم جنوب شرق الدوادمي.
وأكد وجود عدة نقوش ورسومات صخرية ترجع للقرن الخامس ميلادي تحكي أسرار ذلك العصر المندثر بين الصخو، وتظهر النقوش والرسومات الصخرية قدرة الإنسان في تلك العصور على التكيف مع الظروف المحيطة وتسخير الطبيعة لخدمته، وأبرز النقوش في تلك المنطقة نقشان كتبا بالخط السبئي، يعود الأول للملك أبكر أسعد من أشهر ملوك حمير التبابعة في الثلث الأول من القرن الخامس ميلادي، والنقش الثاني يعود للملك معد يكرب الحميري لعام 516 ميلادي، زيادة على العديد من الجبال أشهرها جبل جبلة، الذي جاء على ذكره الشاعر امرؤ القيس ويوجد في المنتصف منه العديد من النخيل والغارات.
وأفاد مدير مكتب السياحة والآثار بالدوادمي لقافلة الإعلام السياحي التي تزور المحافظة حاليا، أن هناك العديد من الآثار والنقوش العربية إضافة إلى العديد من الهضاب والجبال الصخرية والغابات البرية والموسمية التي تجعل من المنطقة واحة خضراء في موسم الربيع، ومن الآثار الحديثة في الدوادمي قصر الملك عبدالعزيز الواقع غرب المحافظة الذي بناه المؤسس عام 1349 بمساحه 8500 متر، ويتكون من بوابتين شرقية وغربية وبرج طوله 5 أمتار، المسجد والجناح الملكي والديوانيات والروشن والبئر، إلى جانب قسم للضيوف ومحطة للبنزين توفر للحجاج الوقود وقسم البرقيات، وتنظم المحافظة سنويا مهرجانا سياحيا تقام فيه العديد من المهرجانات السياحية مثل «مهرجان خريف الدوادمي السنوي».
بركة طخفة
أنشـئت هذه البركة فــــي الـعــصـــر الـعـبـاســــي عـلـــى نحو ثلاثة أكيال إلى الشـــــمال الشرقي من هضبة طخفــــــة لـتـزويـــد حجاج البصرة بالماء؛ حيث ينزلون فيها قبل وصولهم إلى ضرية، ويبدو أنه مع ازدياد عدد الحجاج، والرغبة في تنويع مصادر المياه؛ حـُفرت ست آبار مع أحواض مساندة بالقرب من البركة، ويوجد في طرف الموقع آثار حصن صغير. ويظـهـــر من الـبــركـــة درجتـــان ويــربطهــا بالـــوادي القــريـــب منـهــا مجــرى (ساق)ٍ طالته أيدي العبث.
أما هضبة طخفـــة فــهـــي خارج نطاق المحافــظـــة، ويقع بالقرب منها هضـــاب جـمـيـلـــة كـبـيــرة وصغــيـــرة، ومن تلك الهضاب: غـَول والرِّجــــام، وتسمـــى الرجــام اليوم بشعـــب القِـدّ، وقـــد مر جيش الصحــابـة فـــي حـــرب أهــــل الــــردة بين طخـفـــــة والرجــام، أما غــــول فـتـكـــثــــر فـــي سفوحها الــدوائــــر الحجـريـــة.