-A +A
جهير بنت عبد الله المساعد

كثيرون هم الراحلون الذين تكتب عنهم الصحف المحلية، أدباء ومفكرون، ورجال أعمال، وفنانون وصحافيون، وأسماء عديدة عرفها الناس، أو أحبها الذين يكتبون عنهم. لكن عندما يكون الوفاء لأمير أو أميرة يرحل عن دنيانا وقد ترك بعده بصمته ومآثره وتميزه البشري الخاص.. نقف مكتوفي الأيدي نتحرج من الكلام، ونسكت حرجا من أن يطال مشاعرنا شبهة التملق أو الرياء! ونهرب من الواجب خوفا من الوقوع في مغبة سوء الظن، فلا الواجب أدركناه ولا سوء الظن محوناه!!

وليس ذنب الأمير أنه أمير فلا نذكر مزاياه عندما نريد تطبيق فضيلة اذكروا محاسن موتاكم.

إنما ذنبنا نحن أن فقدنا الثقة في صدقنا مخافة الناس! واليوم أكتب بكل ثقة وصدق عن رحيل صاحبة السمو الملكي الأميرة/ صيتة بنت عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود. وأشعر أني تأخرت كثيرا، لكن «الصدمة» تحتاج وقتها حتى تصبح حروفا على ورق، ومن ناحية أخرى الشخصيات التاريخية المحبوبة كلما تقدمت الأيام زاد ذكرها ولا ينضب ولا يقل ولا يخفت بل تولد من جديد بعد الرحيل، وفي الحقيقة الأميرة صيتة ليست بحاجة لمن يكتب عنها، ولم تفكر هي في ذلك أثناء حياتها وإلا فعلت وأوجدت لها من الأقلام والأشخاص ما تشاء لكنها لم تفعل وبالتالي لا يعنيها من يفعل بعد أن غادرت الحياة! ولا يقدم ولا يؤخر إنما نكتب لأنفسنا نطهرها ونزكيها من الجحود والنكران نكتب امتنانا للنفوس الخيرة وعظة وموعظة لتكون القدوة ماثلة، فمثلها من تبكيه العقول وليس القلوب فقط، ومثلها يترك أثره في الناس، فإذا غاب وجدوه حيا على الألسنة يمشي ذكره بين الناس، بصنائع المعروف التي كان يبادر إليها وبالتمييز الذي جعله حقيقة إنسان تحسبه من الخيال. أريد كل من يقرأ أن يتعلم درسا من حياتها «القدوة» ما يبقيه للخلود، وما يمنع عنه الجحود وما يلقاه عند ربه الكريم حين يقدم بيمينه هذا كتابيه ويبشره الله عز وجل .. كما يبشرها الآن بإذن الله (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية).







*الأميرة طراز خاص من كريمات الملوك والأميرات والأمهات

*كل ركن في بيتها فيه فرع جذورها وغصن من شجرها



الأميرة صيتة بنت عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.. معرفة بنت علم يعرفه التاريخ والناس والأمجاد والوطن وغير الوطن. فوالدها المؤسس العظيم وهي الأخت الشقيقة الثانية لملك أحبه الناس حبا جما، ونال احترام حتى أعدائه مختلفا في كل شيء عما سواه، وإذا كانت خصائص سياسات اليوم تدخل فيها المطامع والدسائس والأحقاد فالملك عبد الله بن عبد العزيز بعيد كل البعد عن هذه السياسة العصرية غير الإنسانية، انتهج سياسة تقوم على البر والتقوى وإصلاح ذات البين وحب المساكين ونصرة الضعفاء واستحوذ على القلوب بقوة الاحتواء والحب وارتياد سبل الخيرات، لا يترك شيئا من المعروف إلا وازدان به وزينه للناس فلا بقاء للدولة إذا تخلت عن إيمانها وإنسانياتها، هذا شعار الملك عبد الله أخو صيتة التي انتقلت إلى رحمة الله في يوم حفل كبير فلم يستطع قلبه الحنون أن يفرح وهو حزين فغادر الحفل إلى حيث يراها لآخر مرة!!







الأميرة صيتة بنت عبد العزيز طراز خاص من كريمات الملوك، وطراز خاص من الأميرات وطراز خاص من الأمهات، وطراز خاص من الوطنيات المجندات في حب الوطن، حقا لم تلبس الزي العسكري لكنها رابطت وربطت حياتها على حدود الوطن تحب من يكتب عنه، وتحب من يدافع عنه، وتحب جنوده وتحب مظاليمه والمظلومين فيه وتحب بؤساءه حتى الذين واللواتي يجنحون ويرتكبون أفعالا منافية لحب الوطن تدعو لهم بالهداية والتوبة وأن يصلح الله حالهم وأعمالهم وأفكارهم!.







كعود البخور الأصيل العذب الفواح لا يزيده الإحراق إلا طيبا!! إنها المرة الأولى أدخل بيتها دون أن تكون هي في صدارة المجلس هنا عرفتها أميرة ولا كل الأميرات .. متحدثة لبقة وموسوعة شاملة تلم بكل شيء وتعيش اللحظة مع كل أحد .. صغيرة تعرف هموم الصغيرات وكبيرة تدرك هموم الكبيرات، وشابة تعيش تطلعات الشابات وأم تشعر حنين كل الأمهات وباحثة نعم باحثة عن الحقيقة في كل خبر وفي كل قصة وفي كل معاناة لا تصد أحدا ولا تصدق كل شيء ولا تترك شيئا إلا تسأل عنه وتتأكد من صحته أو عدمها، هناك كانت تلقي على مسامعنا آخر ما قرأت وآخر ما عرفت وآخر ما رأت على الإنترنت، في هذا الركن كانت قدمها مصابة وممنوعة من الحركة لكنها لا تبالي تشد ظهرها وتضغط بكل قوتها على ألمها كي ترفع نفسها للسلام على الناس فلا يضطر أحد ضيوفها إلى الانحناء للسلام عليها !! هذه هي الأميرة صيتة بنت عبد العزيز التي سميت بلقب (أم السعوديين) ... كنز الجمان كانت، كلما تعمقت فيها أكثر كلما اكتشفت الدرر في أعماقها الثرية بالحب والحنان واللطف والعطف والشوق إلى المعرفة بحر إنساني عميق، وقمة تواضع شامخة، ونفس تقية نقية صافية تقبل على الدنيا بغير نهم وتقبل على الناس بغير أسف، لا تغرها الأولى إن ضحكت ولا تغرها الثانية إن تملقت! دائما هي للآخرين تكفل المريض وتعين المحتاج وتسأل عن الغائب وتتفقد المحروم وترحب بكل محبي الوطن، القريب عندها ليس للحسب والنسب إنما قريب بما صنعت يداه!! فهل عرفت أيها القارئ الكريم لماذا لقبت بأم السعوديين؟!







آسفة أقولها للجميع في بيتها عندما دخلناه للعزاء كان مثل النائحة الثكلى كل ما فيه يبكي!! في كل ركن فيه يوجد فرع من جذورها، وغصن من شجرتها العائلية الكبيرة، لكن كلهم وكلهن مع صدق مشاعري تجاههم ليسوا هي !! هي كيان منفرد متفرد ليس له بديل ولا شبيه ولا حتى ظل هي فقد لا يعوض، وإنسان لا يتكرر وجندي للوطن غير مجند لكن عاش الجندية بروحه وعقله وفكره ودمه وأعصابه فكانت كل أيامها خريطة للوطن ملاذ للناس حضن للجميع احتواء للأبعدين والأقربين لا تخاف لومة لائم أن تقول ما تراه الحق والحقيقة حتى لو كان يغضب ويزعل أقرب الناس إليها، جريئة في الحق وخلقها مبادئ، لا تميل عنها ولا تحيد.







قصة الولايف الحميمية







والدتها رحمها الله فهدة بنت العاصي بن كليب بن شريم الشمري، توفيت مبكرا عام 1943م .. وكان كل أبنائها الملك عبد الله والأميرة نوف والأميرة صيتة صغارا .. يربون بعضهم بعضا كما تقول الأميرة صيتة وكانت تقول إنها فقدت أمها صغيرة وعندما تلد بعد أن تزوجت كانت تذهب إلى بيت شقيقتها الأميرة نوف أمد الله في عمرها وكذلك الأميرة نوف كانت (تتنفس) أي تقضي أيام النفاس في بيت شقيقتها الأميرة صيتة، قصة (ولايف) نادرة تقوم على المحبة والإيثار والتوادد والتراحم كل اثنين أشقاء يفترقان إلا الأميرة نوف أمد الله في عمرها والأميرة صيتة لا يطيقان الفراق أبدا إذا دخلت بيت الأولى وجدت الثانية عندها .. وإذا دخلت بيت الثانية وجدت الأولى عندها، متلازمتان أكثر من التواءم المتلاصقة ومتحابتان أكثر من كل حب بين أختين .. فقد الأم المبكر رمى بهما في أحضان بعضهما البعض فلا ترى حبا كحب الأختين الوليفتين نوف وصيتة! مضرب الأمثال في التآخي والتعاون والتعاضد وتبادل المشاعر .. رأيت الأميرة نوف بنت عبد العزيز في العزاء كأنها تحمل جبلا على أكتافها وجهها إلى الأرض غير تلك التي نعرفها في سالف الأيام تمشي واثقة وعنقها إلى السماء، كانت في العزاء تمشي ببطء حيويتها منطفئة .. ومرحها غائب وصوتها الذي كان يجلجل خفت! روحها من قبل كانت دائما لطيفة ضاحكة مستبشرة متفائلة يوم العزاء كانت كل تلك العلامات غير موجودة وكان انطفاؤها واضحا تريد التماسك لكن الحزن غلاب. إنه الإيمان حين يداري الشعور بالفقد والحنين لمن رحلت كانت الأميرة نوف ماهرة في القفشات والمداعبات الجميلة ومنذ أن مرضت الأميرة صيتة لازمتها في الحل والترحال، في الحضور والغياب، لم تعد ترى في الدنيا معنى بلا أختها فلازمتها كالجلد يحيط العظم لا ينفك عنه، ثلاثة بنوا لأنفسهم قصرا من الأخلاقيات تبادلوا الحب صغارا فأعطوا الناس حبا وعاشوا الحنان أخوة ففاض منهم الحنان كما يفيض البحر على الشطآن .. أغدقوا حنانهم، ومرروا للناس ثقافتهم المصنوعة من الطيبة والتواضع والتوادد والابتسام .. يزرعون الابتسام أينما حلوا ويخففون عن الناس أينما وجدوا ويتبادلون مع بعضهم العواطف النادرة حتى صار بيت كل واحد منهم بيت حنان وحب وعطف ومودة وترابط وصلة أرحام، في هذه البيئة الودية عاشت الأميرة صيتة بنت عبد العزيز فيها من الملك عبد الله بن عبد العزيز الحنان واللطف والعطف واللين وطهارة القلب واللسان، كلهم الثلاثة يشبهون بعضهم في الصفات والمواصفات أخذوا عن بعضهم ملامح التربية الإنسانية البارزة في بيت (آل عبد الله) بيئة أخلاقية، الملكية عندها عمادها شعبي تميل لكل ما هو شعبي وبسيط وضارب الجذور في الأرض لذا تجد حتى مهرجان الجنادرية نشأ في كنف هذه البيئة المتجذرة أصولها في الميدان الذي يعيش فيه الناس بسطاء الناس. ملكية شعبية إلى الشعب أقرب وإلى البساطة أميل!!







ريادتها الإنسانية







حظيت الأميرة صيتة بنت عبد العزيز بلقب (أم السعوديين) لما لها في كل طيب يد وفي كل خير ريادة، وفي كل عطاء سبق عاشت حياتها تتلفت على الذين هم وراءها وليسوا إلى جوارها من المحرومين والمتعبين والمعوزين من أبناء الوطن. لملمت شتات أسر فككها الفقر، ورعت براعم أطفال أضناهم اليتم، وفتحت بيوتا كانت على أحزانها مغلقة، وشملت برعايتها مرضى كانوا أسرى للألم إلى أن مدت لهم يدها بفرص العلاج في الداخل والخارج .. أما موقفها من أسر الشهداء فكان له طعم آخر وكان مضرب المثل، هي أول من بادر إلى السؤال عنهم وأول من فكر في تكريمهم .. وأول من زود الجنود على الحدود بالأذكار المكتوبة كي لا ينسوا ذكر الله وهم يدافعون عن الوطن ... وتاريخها غزير في دعم الحراك الخيري والأسري والتطوعي في المملكة من خلال ترؤسها وإشرافها على العديد من البرامج والأنشطة الخيرية في الشؤون الصحية والإنسانية والاجتماعية عبر إسهامات عديدة اختصر منها التالي:







1ــ دعمت برنامج الأمان الأسري الوطني الذي افتتح عام (2005م) حيث أنجز البرنامج (39) مركزا لحماية الطفل في كافة مناطق المملكة. ومن خلاله تم إعداد السجل الوطني لحالات إساءة معاملة وإهمال الأطفال ومن مهامه رصد وتوثيق حالات العنف الأسري بهدف توفير قاعدة بيانات علمية وطنية تسهل إجراء البحوث والدراسات العلمية مما يسهم في إعداد رؤية متكاملة لصانعي الخطط والاستراتيجيات وصولا لحماية الطفل في المملكة العربية السعودية. وكانت خير داعم للأميرة/ عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز التي ورثت من هذه البيئة حب العمل الخيري والتطوعي وانخرطت في هذا السلك النبيل تقدم جهودا جبارة حققت الكثير من الطموحات لحماية الأسر السعودية من العنف الأسري. وكأنهما الأميرة صيتة والأميرة عادلة وجهان لعملة واحدة وطرفان لمستقيم واحد يتشاركان معا في الخدمة الاجتماعية ويتبادلان المواقع في تعزيز الدور الذي تقوم به الأسرة المالكة في تواصلها مع المجتمع ومشاركتها هموم الناس.







2 ــ حرصت على تنظيم برامج الدورات التدريبية المختلفة لتأهيل المختصين في علاج حالات العنف الأسري من كل الجوانب الجسدية والنفسية والاجتماعية .







3 ــ دعمت تصميم برنامج يتضمن خطة مساندة الطفل بالشراكة مع أكثر من جهة حكومية وأهلية لتقديم الدعم والمشورة للأطفال وذويهم ورعايتهم الرعاية المتكاملة.







4 ــ منحت قطعة أرض لإقامة البرامج الخدمية التابعة لبرنامج خدمة ضحايا العنف الأسري.







5 ــ أسهمت في إعداد ميثاق الأسرة للنهوض بالأسرة السعودية وحمايتها من مزالق العنف والتشتت والتفكك بعد الطلاق.







6 ــ ترأست ملتقى «نساء آل سعود» وابتكرت فكرته في تفعيل الدور الملكي لخدمة المجتمع وضمت عضوية الملتقى أميرات ناشطات وفاعلات يسهمن في الأعمال الخيرية والتطوعية لسد احتياجات أفراد المجتمع والأخذ بأيديهم للأمان والاستقرار وقد سدد هذا الملتقى في إحدى دوراته مبلغ مليون ومائتي ألف للمعسرين والمعسرات منعا لحرمان البيت العائلي من الأب والأم المحبوس أحدهما في دين عجز عن سداده فكفلهم الملتقى وأعاد البسمة إلى أطفالهم.







7 ــ أسهمت في ترميم منازل المتضررين من السيول في منطقة مكة المكرمة.







8 ــ رعت تكريم حافظات القرآن الكريم من الفتيات اللواتي حفظن القرآن بالجمعيات الخيرية فأسهمت في رعاية الحافظات للقرآن بمحافظة الجموم حيث تشرف الجمعية على أكثر من (6447) طالبا وطالبة، يقوم بتعليمهم (278) معلما ومعلمة موزعين في (86) حلقة للطلاب و(223) فصلا للطالبات.







9 ــ أسهمت في تكريم جمعية الأطفال المعاقين بمرور (25) عاما على إنشائها.







10 ــ أنشأت دارا لرعاية المعنفات بمنطقة الرياض.







11 ــ أسهمت في مشروع إسكان لمائة أسرة فقيرة باحثة عن مأوى لها.







12 ــ كانت أول الداعمات لأسر الشهداء والجنود المرابطين لحماية حدود الوطن ولأسر الذين استشهدوا في مقاومة العمليات الإرهابية الغادرة. ورعت الجرحى أثناء علاجهم وتابعت الاطمئنان على أحوالهم بعد خروجهم من المستشفيات ولم يمنعها عن ذلك اختلاف المسافات بين منطقة وأخرى.







13 ــ دعمت العديد من الجمعيات الخيرية النسائية وغيرها والعديد من الهيئات والأوقاف.







14 ــ بادرت إلى رعاية أسر السجناء وذوي الحاجات والمعاقين الذين أعيتهم ظروف الإعاقة عن إيجاد مصدر رزق لهم فكانت المعين لهم بعد الله في تسديد حاجاتهم واحتياجاتهم.







15 ــ لم تقصر اهتماماتها على الجانب الخيري والتطوعي إنما توسعت مبادرتها إلى الجوانب العلمية والبحثية. فأنشأت كرسي الأميرة/ صيتة بنت عبد العزيز لدراسات الأسرة السعودية في جامعة الملك سعود وبذلك كانت أول المبادرات من نساء آل سعود في مثل هذه الأنشطة العلمية الهامة.







16 ــ اتبعت اهتمامها بالعلم والأبحاث العلمية اهتماما كبيرا بالباحثات والدارسات في الجامعات لنيل درجة الماجستير والدكتوراة فأسهمت في دعم إجراء أبحاث تتناول العمل الخيري التطوعي في المملكة العربية السعودية.







17 ــ جعلت من بيتها خلية نحل تستضيف فيه كل الناشطات في المجتمع وتحدد لاجتماعاتهن أياما معينة في الأسبوع، وفتحت أبوابها للمتطوعات في الأعمال الخيرية والمنسوبات للجمعيات الخيرية وأساتذة الجامعات والصحفيات والكاتبات ومن كل صنف ولون يقدم للوطن دورا أو يقوم بدور يهدف فيه إلى خدمة الوطن والناس.







18 ــ تم تكريمها ضمن فعاليات المهرجان الخليجي الثاني لأسبوع العمل الخليجي بالتعاون مع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون.







19 ــ منحت لقب أميرة المسؤولية الاجتماعية واستحقت لقب (أم السعوديين).







هذا ما يحضرني في هذه اللحظة عن إسهاماتها وأدوارها الإنسانية والخيرية والاجتماعية وما خفي أعظم!!!







حين صدر نعيها في بيان الديوان الملكي في التاسع من هذا الشهر .. يوم الأربعاء .. أعلن الديوان الملكي نبأ وفاة صاحبة السمو الملكي الأميرة/ صيتة بنت عبد العزيز تغمدها الله بواسع رحمته وغفرانه، ومثل شخصية الأميرة/ صيتة بنت عبد العزيز في خدماتها الإنسانية وبرها الوطني المشهود يلزم ويفرض على الديوان الملكي أسلوبا آخر غير البيان المقتضب المعتاد، لذا كان المرجو أن ينعيها الديوان الملكي ببيان يسرد بعض تاريخها في الخدمة الوطنية لأن بيانات الديوان الموقر وثائق تاريخية يرجع لها الأجيال للتعرف على تاريخهم واستنطاق ذكرياتهم.. ومثلها يحسن ذكره بما يستحق من الوفاء والتبجيل حتى يعلم الجميع أن من يعمل مثقال ذرة خيرا يره، وأن الجهود الخيرية لا يطويها الممات، وأن لهذا الوطن العزيز أسرة حاكمة لكنها ليست ككل الأسر لها أياد بيضاء طوال تاريخها في خدمة المجتمع وعون الناس كي يعلم الجميع أن لهذا الوطن أشجارا آدمية باسقة تموت وهي واقفة.







وقد رحلت الأميرة صيتة عن دنيانا... ورحيلها المر لا يجعلنا نرثيها بل نرثي حياتنا التي خلت منها.. نرثي حالنا بعدها فكم هو قاس ومؤلم أن تفتقر الدنيا من الطيبين المعطائين الذين كانوا لنا مصابيح الأيام وأحضان الحياة إذا أدبرت أو أقبلت! نحن نرثي أنفسنا بدونها ولا نرثيها هي لأنها بإذن الله من الذين قال عنهم الله تعالى في كتابه العزيز «الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون».







لقد رحلت عن عالمنا وهو في أمس الحاجة لوجودها كي تجعله أجمل وأرق وطأة مما هو عليه الآن من عنف وثورات وفتن وصراعات .. ولعل الله اصطفاها في هذا التوقيت لأن صفاتها لا تتواءم مع عالم ليس فيه للحنان مكان!