استمتعت طوال أيام شهر رمضان المبارك بمتابعة حلقات مسلسل (حي معكال) الذي يذاع من إذاعة المملكة البرنامج العام من الرياض في التاسعة والنصف صباحا ويعاد في الرابعة والنصف مساء.
والمعروف أن حي معكال هو من أشهر أحياء الرياض القديمة وكان في السابق يقع جنوب الرياض وشمال منفوحة، أما اليوم فهو في قلب الرياض القديمة بين شارعي سلام غربا وآل فريان شرقا، ويحده جنوبا شارع الأعشى، فقد كان في السابق مركزا تجاريا مهما. وقد انتهى دوره وانقرض مثل غيره من الأماكن المشهورة والمهمة في السابق مثل أسواق دخنة والمقيبرة والسدرة وغيرها.
لقد أجاد الفنان سعد خضر وأبدع في توظيف خبرته ومهارته في إبراز الكثير من الصفات الجميلة والعادات الحميدة التي يتحلى بها أبناء الحي من أقارب وجيران، لقد أعادنا لما سبق أن كدنا ننساه من الترابط والتواصل والتعاون وشد أزر المحتاج فيما بينهم، فبعد أن تفرقت الأسر بين أحياء متباعدة، وأصبح الواحد لا يعرف جاره، وقد تمضي السنوات الطويلة والجيران لا يلتقون ببعضهم بعضا إلا نادرا، وكل منهم بسيارته أو عند باب المسجد، ولا يكاد أحدهم يعرف اسم جاره إلا نادرا. وهذا المسلسل الدرامي الجميل يعيدنا إلى ذكرى ماضينا التليد. ويذكرنا بما كنا نعيشه عندما كانت الحياة بسيطة والمواصلات رغم عدم توفرها مبسورة والأماكن متقاربة والاعتماد على الأقدام في الكثير من المشاوير يسهل الوصول إلى الهدف دون مشقة أو تكاسل.
لقد قام الفنان سعد خضر بكتابة الموضوع (حي معكال)، ومثل دور أهم شخصية فيه وهو (مقحم) المهندس الذي لا يحمل سوى الشهادة الابتدائية ودورة في معهد التدريب المهني، ومع ذلك نجح في إدارة وتشغيل أهم الآلات والقيام بالتوصيلات الكهربائية، عندما اضطر لتغيير القاطع الكهربائي لضمان استمرار التيار دون تفاوت في القوة، مما قد يعرض المكائن للتلف. لم يستطع أغلب المهندسين المستقدمين من الخارج التعامل مع ما كان يؤديه المهندس مقحم، رغم شهاداتهم العالية، وكان أن أراد مدير شؤون الموظفين إنهاء خدمات مقحم لتعيين ابنه بدلا منه، وعندما تعرضت الآلات للأعطال بسبب انقطاع التيار الكهربائي مما قد يسبب تلف البضائع التي تحتاج إلى تجميد وتبريد اضطروا لاستدعاء المهندس مقحم ليدلهم على كيفية إصلاح ما تعطل، ومع ذلك أبدى كل استعداد وأريحية في أن يقدم لهم خبرته دون مقابل حتى عندما طلب مدير شؤون الموظفين عودته وتحديد ما يطلبه من مرتب، رفض العودة مع استعداده باستمرار لإصلاح ما قد يتلف في الأجهزة دون مقابل..
لقد تابعت هذه الحلقات صباحا وأنا متجه للعمل وأحرص على سماع إعادة الحلقات بعد صلاة العصر من كل يوم. وقد أخذني الحماس والإعجاب بأن أتصل بالفنان سعد خضر لأبدي له إعجابي وأطلب منه المزيد من مثل هذه البرامج والمسلسلات المهمة التي تعيد جيلي إلى سابق عهده وتعطي للجيل الجديد فكرة عن ماضي آبائهم وكيف كانت الحياة جميلة وميسرة، ولعلها فرصة سانحة أن أشكر الإذاعة الحبيبة ممثلة في سعادة الاستاذ إبراهيم الصقعوب وكيل وزارة الثقافة والإعلام المساعد للإذاعة والأستاذ سعد الجريس مدير البرنامج العام. فلعلهم يولون هذا الجانب الأهمية التي يستحقها، وإعطاء ممثلينا القديرين الدور الأول في تقديم ما ينفع ويفيد من برامج ومسلسلات تأخذ في الحسبان إبراز التراث الثقافي والقيم الاجتماعية التي كان يحرص الجميع على التحلي بها وعدم تجاوزها أو التهاون بها.
والله الموفق.
Abo-yarob.kashami@hotmail.com


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 143 مسافة ثم الرسالة