«اطرق بقوة.. الحياة صماء» عبارة كتبت على الباب، فتطرق بقوة لتدخل الى مقهى صغير بناؤه قديم ينبض بالثقافة من خلال صور عظماء العرب من شعراء وكتاب مطربين وممثلين تكسو الجدران كيفما نظرت.اهلا بك الى ملتقى الثقافة الوحيد في بيروت اهلا بآخر مكان يصور لبنان الثقافة ، لبنان الفن العريق قبل ان يشوهوه اهلا بك في مقهى «جدل بيزنطي». رغم انحطاط الاذواق في هذا العصر ورغم الجدل القائم دائما بان الشعر والكتب ولى زمانهما الا انه قد وجد من يثبت العكس ، وجد مكان تحجز طاولاته ومقاعده كلها لامسية شعرية فيشجع الشعراء ويجمع المثقفين بجو هادئ وراق مع اغاني الجاز والاغاني القديمة التي تماثل جوه العام حتى طعام المقهى لافت باصالته فتجد مربي الموسم دبس بالطحينة، القشطة والعسل، كما تجد رأس العصور، والضفادع في لائحة الطعام.
كثير من الشعراء جاءوا واحيوا امسيات شعرية ومن عدة بلدان، من لبنان والعراق وسوريا والمغرب ، السويد وحتى من فرنسا وهم ادونيس ، عباس بيضون، سلام سرحان، محمد علي شمس الدين، شوقي بزيع ، لقمان ديركي ، ابراهيم الجين، حكم البابا، منظر المصري، ياسين عدنان، وجان شارل دو بول، وغيرهم كثر.الا ان الشعر ليس حكرا على الشعراء الذين يحيون الامسيات فقط، لا بل كل من وجد داخل هذا المقهى يستطيع ان يكتب ويعبر عن نفسه ويعلق كتاباته على «جريدة الحائط» ليأتي يوما آخر ويرى احدهم قد كتب جوابا له، فيكون حوارا او جدلا بيزنطيا.
يملك جدل بيزنطي الرسام محمد شمس الدين، حسين فقيه، والشاعر شبيب الامين ويشرف على تنظيم واستدعاء الشعراء الصحافيان ناظم السيد وغسان جواد، وقد اتت فكرته بعد ان بدأت القراءات الشعرية في مطعم «ليلى» ومن ثم «شيه اندريه» غير انهم فشلوا ولم يصمدوا كثيرا على عكس جدل بيزنطي الذي ما زال صامدا سنة ونصف.
هذا المقهى مهم جدا في هذا الوقت بالذات فانه يذكرنا بانه لا يزال يوجد لدينا حس الفن وحب الرقيّ وان اغاني «الواوا» والعري والتفاهات تسمى فنا هذه الايام ليست الوحيدة الموجودة بل يوجد مكان للشعر ويوجد مكان للثقافة يستقطب اعمارا مختلفة من العشرين حتى السبعين يوجد مكان ليقول كل من يشاء مايشاء.
ورغم ان هذه البلاد عرفت بحضارتها وثقافتها وشعرائها الا انه وللاسف اصبح مستغربا مكان كمقهى «جدل بيزنطي» ان يوجد ان المسؤولية تقع على المجتمع الذي ابدا ماشجع الشعراء والكتاب وما كرمهم الا بعد مماتهم خطأ التربية اليوم التي لا تجد وقتا للقراءة وتعليم الاجيال الصاعدة فن الاستماع والاستمتاع بكلام عميق وفلسفي وتقدير الكلمة خطأ الاهل الذين لا يسمعوا اولادهم اغاني العمالقة بحجة انها ليست لاعمارهم فيعتادوا على سماع نوع معين ويرونه راقيا اضافة الى كل هذا عدم توعية الاجيال وتجاهل حقيقة اهمية الادب في الحياة والاستخفاف بها لا تجعل الحال افضل، فكثر من يستخفون بقراءة الاشعار او دورها في المجتمع، متناسين ان الشعر والادب يلونان الحياة ويعطيان اجازة للفكر الذي لا يستريح في هذا العصر السريع وغير المريح ابدا.
أسسه رسام وشاعر ويديره صحافيان
«جدل بيزنطي» اول مقهى ثقافي في لبنان
19 يوليو 2006 - 20:12
|
آخر تحديث 19 يوليو 2006 - 20:12
«جدل بيزنطي» اول مقهى ثقافي في لبنان
تابع قناة عكاظ على الواتساب
جنان وهبي (بيروت)