قصص وحكايات حد المأساة تنزف ألما وندما استمعنا إليها داخل بيوت المصابين بمرض الإيدز الذين ذرفوا الدموع على نكران المجتمع لهم وجعلهم يعيشون بينهم كالخفافيش متخفين خشية افتضاح أمرهم، حتى أن بعضهم يعيش وسط أسرته دون أن تعلم عنه شيئا. مرضى الإيدز وبسبب نظرة المجتمع القاصرة يهربون من واقعهم، وأيضا من ذاتهم ومن أسرهم وأبنائهم حتى عند احتياجهم للأطباء يتكتمون عما بداخل أنفسهم. مشاهد عديدة تطرح العديد من التساؤلات، والمصاب بالمرض يرى عدم تقبل المجتمع له فوجد نفسه معزولا بينهم حدَ الإقصاء أحيانا!.
ولا يقتصر التكتم على مرضى الإيدز وحدهم، بل يشمل حتى بعض المسؤولين المختصين في عدم إعطاء معلومات وافية عنهم!.
حــالات تعكس حجم المعاناة الــتي يعانيـهــا المـــرضى على صعيد الفرد والأسرة والمجتمع.


في جنوب جدة يعيش علي ( 50 عاما) مع زوجته وطفليه اللذين لم يتجاوزا الخامسة من عمرهما، في بيت من غرفتين، يفتقر لأبسط الاشتراطات الصحية حتى أنه يخلو من الثلاجة والغسالة والتلفزيون، ومع ذلك يقول: أعيش في نعمة لا يكدرها سوى المرض الذي أصابني وزوجتي وطفلي (عمر)، فيما نجت أخته ولله الحمد من هذا المرض المميت، فهذه حياتنا نعيشها بعيدا عن الناس، وحتى عن أبنائي من زوجتي الأولى، حتى أننا في كثير من الليالي نبيت دون عشاء، رغم أن الدواء وحسب قول الأطباء يحتاج إلى غذاء جيد، لكن هذا حالنا لا نستطيع أن نغيره ولا أستطيع أن أمد يدي للآخرين أو أبوح بسر مرضي حتى لأقرب الأبناء إلى قلبي، أو حتى جاري الذي يسمع أنفاسنا وخطواتنا عند دخولنا أو خروجنا.
يصمت قليلا وتغرق عيناه في الدموع خاصة عند سماعه صوت طفله (عمر) وينهض ويحمله بين يديه ويضمه إلى صدره، وهو يكتم في داخله بكاء يكاد ينفجر من قلبه، ويواصل حديثه قائلا: طفلي هذا من زوجتي الثانية وهي من جنسية أفريقية التقيت بوالدها قبل ثلاث سنوات، في إحدى المرات ودون سابق معرفة تحدثنا عن كثير من الأمور وبينت له رغبتي في الزواج، خصوصا أن زوجتي بنت خالي أقعدها المرض وتقدم بها السن، وإذا به يمسكني من يدي ويخبرني أنه إذا كانت نيتي صادقة في الزواج سيزوجني من ابنته وذهبت معه إلى البيت ونظرت ابنته النظرة الشرعية أمهرتها القليل من المال وبعيدا عن الطقطقة والمعازيم الكثيرة أولمت لها وليمة وأخذتها من بيت والدها دون أن تعلم زوجتي أو أحد من أقاربي بزواجي، وأصبحت اختلق الأعذار في بعض الأحيان عند زوجتي الأولى حتى أبيت عند الثانية التي ما أن أنجبت لي طفلتنا الأولى (مريم) حتى خشيت من الظروف، فأمسكت بيدي اثنين من أبنائي الكبار وأخبرتهما بقصة زواجي وبوجود أخت لهما وطلبت منهما عدم إخبار أحد بالأمر حتى أمهما خشيت لو علمت بالامر أن تتأثر فتسوء حالتها الصحية وبعدها بسنة جاءني طفلي هذا (عمر) الذي كانت ولادته طبيعية، وفي أحد الأيام وهو في شهره الرابع ارتفعت حرارته وفي المستشفى أخبروني أنه مصاب بمرض الإيدز، ومن الضروري أن نجري جميعا فحصا شاملا، وأظهرت النتائج إصابتي وزوجتي وطفلي فقط بهذا المرض فسقطت مغشي علي من هول الصدمة، ومن يومها تغيرت حياتنا وأحوالنا وأصبحنا حذرين في تعاملنا مع الآخرين، حتى مع أبنائي من زوجتي الأولى الذين رغم أن بعضهم يعلم بأمر زواجي الثاني، لكني أخفيت عنهم إصابتي حتى لا يبتعدوا عني وحتى لا تهتز صورتي أمامهم، فمجتمعنا لا يرحم أبدا مريض الإيدز الذي لا يصارع فقط المرض، بل حتى خوف الآخرين منه، وكم أتمنى من الشؤون الاجتماعية أن تهتم بنا، وأن تصرف لنا ما يعيننا على ظروفنا مثل المرضى المعوقين.
زوجته أم عمر تمسك بزمام الحديث وتقول منذ أن عرفت إصابتي بهذا المرض، وأنا لا أغادر منزلي إلا نادرا فالوساوس لاتفارقني أبدا وأخشى إن جلست بين الآخرين أن يفتضح أمري، خصوصا أن زوجي كثيرا ما يحذرني ألا أتفوه بمرضنا لأحد.
وفي حي آخر من جنوب جدة، أصر سامي(24 عاما) من بلد مجاور على مقابلته قبل الثامنة صباحا خشية من افتضاح أمره بين جيرانه، ففي غرفة توسطها فراش قضينا أكثر من ربع ساعة لإقناعه في التحدث بصراحة وأن يبوح بما في قلبه لكنه كان يقول إذا عرفني المجتمع وبالذات المحيطين بي فلن يرحموني أبدا، وعندما استجمع بعضا من شجاعته أطرق برهة ووضع وجه بين يديه وهو يبكي ويقول أتريدون أن أقول لكم إنني أخطأت في حق نفسي وأهلي والمجتمع؟، نعم أخطأت لكن ليس من حق أحد منهم أن يحاسبني يكفي أن يحاسبني الله سبحانه، فقد أصبت بالمرض قبل عامين عندما التقيت امرأة من الجنسية الآسيوية وأمام طيش الشباب قضيت بعض الوقت معها، وذهب كل منا لحال سبيله ومضت الأيام دون أن أشعر بأي ألم وعندما أجريت فحوصات تجديد الإقامة ظهر المرض ـ يبكي بصوت عال ـ ويقول ليتني مت حتى أستريح من نظرات جيراني والمحيطين بي الذين يشكون في أمر مرضي، وحتى أريح والدي ووالدتي اللذين كلما طالعتهما شعرت بأنني أذنبت بحقهما وأنني أسأت إليهما، رغم أنهما لم يشعراني أبدا أنهما ناقمان مني حتى أنهما لا يتحدثان معي في أي أمر يضايقني، بل دائما يطلبان مني أن أدعو الله أن يخفف آلامي وأن يشفيني وأن يتوب علي.
ـ يصمت قليلا ـ ويواصل قائلا: تغيرت أحوالي منذ أن أصبت بهذا المرض، فلم أعد استطيع الجلوس كثيرا في الشارع أمام المنزل أو محادثة جيراني كما كنت في السابق، حتى أنه في بعض الأحيان إذا أصبت بجرح أشترى بعض الأدوية وأدخل غرفتي أو أندس في مكان مبتعيدا عن أهلي وأطبب نفسي والملم أغراضي وأحرقها أو ألقي بها في حاوية النفايات.
وقبل مغادرة منزله، قال: أتمنى أن أجد عملا يشغلني، لكن من سيقبل أن أعمل لديه وأنا مصاب بمرض الإيدز؟.
وفي حي كبير في جدة القديمة وفي بيت شعبي تفوح منه رائحة الرطوبة، يسكن ناصر وزوجته المصابان بمرض الإيدز ومعهما طفلهما خالد (عامان) فبالرغم من إصابتهما وسوء ظروفهما الاقتصادية، إلا أنهما يوهمان الآخرين بأنهما يعيشان في وضع مادي جيد، رغم أن الزوج لا يعمل وغير قادر على توفير الكثير من الاحتياجات لزوجته ولطفله.
وفي مجلسه تأتي زوجته ممسكاً بيدها ويقول هذه زوجتي وهذا طفلي (خالد)، نعيش داخل بيتنا مستورين رغم احتياجنا للكثير، لكن ما باليد حيلة فانا مصاب بمرض الإيدز ليس لدي أي عمل أو مصدر رزق وزوجتي أيضا مصابة بنفس المرض، تقضي كل وقتها داخل منزلها ترعى شؤونه وتهتم بطفلنا، الذي نتمنى أن تأتي أخت له في العاجل القريب إذا سمح لنا الأطباء بالإنجاب.
ويكمل أبو خالد حديثه: تعود قصتنا مع المرض عندما أجرت زوجتي عملية استئصال للوز، حينها طلب مني إجراء بعض الفحوصات وبعدها قال لي الأطباء إنني وزوجتي مصابان بمرض الإيدز، وكدت أفعل شيئا للتخلص من حياتي، لكن تمالكت نفسي وعدت إلى يقيني بأن إصابتي هذه هي ابتلاء من الله لي ولأسرتي، وإن الضرورة تحتم علينا أن نتعايش مع واقعنا وأن نخبر أقاربنا وأصدقاءنا ومحبينا بالمرض، فمن رضي التعايش معنا أهلا وسهلا ومن نفر منهم فلا أسف عليه، رغم أن الألم الحقيقي الذي أشعر به هو مصير طفلي، إذا ما ساءت حالتي قبل أن أراه قد شبَ وكبر.
وبصوت مبحوح بالبكاء تقول زوجته ساعدوني في الحصول على جهاز حاسوب لكي أحصل على دورة في «الكمبيوتر» واللغة الإنجليزية، حتى أجد عملا لأساعد زوجي الذي يكاد لاينام الليل وهو يفكر، من أين يوفر احتياجاتنا، خصوصا أن ما نحصل عليه من الجمعية الخيرية لمرضى الإيدز يكاد لايكفينا في ظل الظروف المعيشية الحالية، فنحن نعيش ظروف سيئة بخلاف النفسية منها، التي جعلت أقرب الناس إلي يتحاشى الجلوس معي.
أبو محمد من بلد عربي، قبل ما يزيد عن (عشرة أعوام) لم يبت كعادته بين أسرته التي استيقظت صباحا تفتقده، فخرجت للبحث عنه ومضى يومان على تلك الحالة، حتى جاءهم من يخبرهم أن والدهم ترك لهم رسالة، وما إن فتحوها حتى وجدوه يطلب منهم السماح وأنهم لن يروا له وجها بعد اليوم، لأنه أخطأ في حقهم بإصابتهم بمرض الإيدز ومن يومها اختفى عن أنظارهم؟!
وفي مكتب الدكتورة سناء فلمبان المشرفة على برنامج الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الإيدز، دخلت (مريم) وبلهفة شديدة أحتضنتها الدكتورة سناء وهي تسأل عن أحوالها وتجلسها إلى جوارها، وتقول: إنها من أنشط المتعاونين معهم في الجمعية، رغم أنها مريضة بالإيدز.
وتمسك مريم بزمام الحديث وتقول: أنا أم لخمسة أبناء قبل سنوات شعر زوجي بالآم في جسمه ونقل إلى المستشفى، وهناك تبين أنه مصاب بالإيدز، لم يحتمل الصدمة ولم يستمر في الحياة أكثر من 15 يوما، بعدها فارق الدنيا وبعد انقضاء العدة اتصل المستشفى وطلب مني أن أجري بعض الفحوصات التي أظهرت إصابتي بالمرض، يومها صرخت وبكيت لكن ما الفائدة، القدر كان أسبق ووجدت أنه لا بد من أن أتعايش مع مرضي، وخوفا من أن يفتضح أمري بين جيراني، انتقلت إلى السكن في حي آخر، لكن بعض إخوتي لم يتقبلوا نبأ إصابتي حتى أمي هجرتني خائفة من أن انقل إليها المرض، ووسطت الكثيرين لإفهامها حقيقة انتقاله وبعد عام كامل، أصبحت تجلس بحذر شديد معي ومع الأيام وتحسن حالتي الصحية أطمأنت إلى الجلوس معي ومن يومها، وأنا أواصل العلاج وتوعية الآخرين بمرض الإيدز.
ولأن المتهم هو المجتمع قال خالد غروي: مع أني سمعت أن مرض الإيدز ينتقل إلى الإنسان عبر طرق معروفة، لكن لا أتصور نفسي أجلس بالقرب من أي مريض، ليس لأنه منبوذ أو عقاب له، إنما لخوف في نفسي فأنا شكاك بطبعي.
ويقول رفيقه محمد حسن: مرضى الإيدز هم من فئات المجتمع، ومن حقهم أن تستمر معايشتنا لهم، لكن للأسف المجتمع ما زال حتى الآن ينقصه الوعي في كثير من الأمور، ومنها كيفية التعامل مع مرضى الإيدز وبعض الأمراض المعدية كالكبد الوبائي، فمن الممكن أن آكل وأشرب مع مريض الإيدز وأصافحه وأن أجلس بجواره طالما أن حالته الصحية طيبة.
أما منصور إسماعيل فيقول: مازلنا حتى الآن نتحاشى التعامل مع مرضى الإيدز الذين يحتاجون إلى تنفيذ حملة توعية كبرى في برامجها الكثير من الوضوح لكي يظهر مريض الإيدز، وبشجاعة أمام المجتمع ويدافع عن نفسه وأن من حقه أن يعيش بيننا حتى وإن أخطأ.

استقبال الطوارئ
الدكتور محمد باجبير مدير مستشفى الثغر في جدة أكد على أن جميع المستشفيات تستقبل الحالات الطارئة، حتى وإن كانت الحالة لمريض مصاب بالإيدز ، فبعض الحالات وخشية افتضاح أمرها أو لوسواس في قلب المصاب لا يفصح عن مرضه، وهذا ما حدث لطفل أدخله والده المستشفى في حالة إنعاش طارئ، لم يخبرنا عن إصابته بالمرض الذي ظهر لنا من خلال الفحوصات التي أجريناها على طفله.

فحوصات الدم
ومن جانبه أكد الدكتور كمال أبو ركبة مدير مستشفى الولادة والأطفال في المساعدية في جدة أن الذين يراجعون المستشفى سواء في العيادة الخارجية أو في أقسام التنويم، تجرى لهم الفحوصات اللازمة حسب كل حالة، وفي حالة الولادة والعمليات الجراحية تجرى فحوصات الدم للتأكد من بعض الأمراض المعدية، وإذا أظهرت فحوصاتنا المبدئية أي اشتباه فإن الفحوصات ترسل إلى مستشفى الملك سعود، للتأكد منها وأية حالة يشتبه في إصابتها بمرض الإيدز يبلغ عنها الجهات المختصة.. وهذه نجدها في بعض حالات مواليد الظروف الخاصة الذين بعد حصولهم على الرعاية الطبية يحالون إلى الشؤون الاجتماعية.

الحذر مطلوب
وتوضح هناء بخش استشارية الأطفال والأمراض المعدية والمشرفة على علاج أطفال الأيدز في المنطقة الغربية أن جميع الدراسات العلمية العالمية تشير إلى أن نسبة الأطفال المصابين بمرض الأيدز تتراوح نسبتهم بين 5 ـ 6 في المائة من عدد المصابين، معظمهم وبنسبة 99 في المائة أصيب به أثناء ولادته أو أثناء إرضاعه، وتضيف أن جميع الدراسات العلمية تبين أن الخطر مازال موجودا في انتقال فيروس الأيدز من الأم المصابة إلى جنينها السليم بنسبة 1 ـ 3 في المائة، وأن الرضاعة من الممكن أن تكون سببا في نقل فيروس مرض الأيدز للطفل السليم، وأن المرأة غير السليمة المتزوجة من رجل مصاب بمرض الأيدز من الممكن أن تستمر حياتها مع زوجها شريطة توخي الحذر بعدم الحمل، ومعالجة أمراض الجهاز التناسلي أولا بأول وأهمية استمرار الزوج المريض في تناول العلاج حتى تقل نسبة الفيروس في الدم.
وإن إصابة الأطفال بمرض الأيدز يعود إلى حسب نشاط الفيروس، فالطفل الذي يصاب به وهو في بطن أمه تظهر عليه أعراض مرض الأيدز مبكرا خلال أسابيع بعد الولادة، والأطفال الذين يصابون بالمرض أثناء الولادة أو عن طريق الرضاعة تظهر الأعراض عليهم بين عام أو عامين حسب نشاط الفيروس الذي من الممكن أن يبقى خاملا غير نشط إلى 10 أعوام.

ثقة .. وتعايش
الاختصاصية في مركز الرعاية الصحية في الرويس نادية العقيل تتناول القضية من الناحية النفسية وتقول: الكثير من مرضى الأيدز يشعرون بحرج شديد من أن يفتضح أمرهم، الذي ينظر لهذا المرض على أنه مكتسب عن طريق السلوك الخاطئ فقط، وبالتالي يعيش المريض في ظروف نفسية سيئة تزيد من معاناته الصحية وينعكس ذلك على تصرفاته، لأنه أصبح فاقدا للثقة في الآخرين وهذا السبب يجعل بعض مرضى الأيدز يرتكب بعض المخالفات في حق نفسه ومجتمعه، خصوصا إذا تطلبت ظروفه الصحية مراجعة طبيب الأسنان أو علاج جرح أو الحلاقة أو مصافحة أحدهم ويده مصابة، وأفضل طريقة نخرج فيها مريض الأيدز من حالته النفسية ونشعره بالأمان أن نمنحه الثقة في نفسه وأن نتعايش معه.

قضية وعي
وفي الجانب الاجتماعي يقول الدكتور محمد سعيد الغامدي عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة مازال الكثير حتى الآن يتوجس خيفة من الجلوس مع مريض الأيدز، ويعود ذلك إلى عدم الوعي الكافي في طريقة انتقال المرض إلى الإنسان السليم وقد يصل هذا الخوف عند البعض إلى عدم الأكل أو الشرب مع هذا المريض وهذا هو السبب الحقيقي في جعل مريض الأيدز بعيدا عن رفاقه وأهله، ما يزيد في عزلته وإحساسه أنه غير مرغوب فيه، مع أن الجزء الأهم في معالجة مرضى الأيدز هو معالجتهم نفسيا حتى يشعرون بالأمان تجاه مجتمعهم وحتى يكونوا واضحين للغير بدلا من أن يتعاملوا معهم في خفية وإنكار قد يتسبب ذلك في إصابة الآخرين بأي طريقة كانت ؟!

صوالين الحلاقة
ولأن صوالين الحلاقة أحد المواقع التي يشار إليها كأحد مسببات انتشار المرض وانتقاله، نفى محمد تاج (حلاق) استخدام شفرة الحلاقة لأكثر من شخص وعدم توخيهم الحذر في تعقيم أدوات الحلاقة ليس خوفا من عقوبة البلدية، إنما ضميرهم لا يسمح بذلك، إضافة إلى حرصهم من أن لا ينتقل إليهم المرض.
المهندس محمود محمد كنساره مساعد وكيل أمين محافظة جدة للخدمات لشؤون الأسواق والمواد الغذائية ومدير عام التراخيص والرقابة التجارية قال: طرح تعميم قبل عام على كافة البلديات والمجمعات القروية، لتنفيذ التوصيات والاشتراطات اللازمة بخصوص صوالين الحلاقة، وبحضور 150 من أصحابها والعاملين فيها، عقدنا مع المراقبين الصحيين في أمانة جدة ندوة تثقيفية عن الطرق الصحية السليمة الواجب اتخاذها حرصا على سلامة مرتادي الصالونات ومنعا لانتقال عدوى بعض الأمراض إليهم حيث وزعنا ملصقات على صالونات الحلاقة لتعريف العاملين فيها بالطرق الصحية السليمة فيما نفذ المراقبون الصحيين في الأمانة في الخمسة أشهر الماضية (1985) جولة أسفرت عن (500) صالون حلاقة مخالف، مؤكدا السعي لتنفيذ خطة متابعة صوالين الحلاقة المخالفة التي تعمل في أزقة وشوارع بعض الأحياء في الفترة المسائية.

عيادات الأسنان
فيما يحذر يسري طه استشاري جراحة الأسنان من ارتياد عيادات الأسنان بالذات البعيدة عن الرقابة التي تستخدم أدوات الحشو والتنظيف أكثر من مرة من مريض لآخر، باعتبارها مكانا خصبا لانتقال كافة الأمراض الوبائية المعدية ومن أخطرها الأيدز وإن من حق أي مريض أن يرفض أي أدوات مكشوفة، لأن طبيعة عمل طبيب الأسنان جراحية ويتعامل مع لعاب ودم المريض، وأن مريض الأيدز بإمكانه أن يحصل على الخدمة الطبية كبقية المرضى الآخرين، المهم أن يفصح عن مرضه حتى يتخذ الطبيب المعالج كافة الاحتياطات المطلوبة في مثل هذه الحالات.

المرضى السجناء
لكن كيف يتم التعامل مع السجناء المصابين يجيب على ذلك اللواء عبد الرحمن الغامدي مدير سجون جدة المكلف بقوله: جميع السجناء وقبل توزيعهم في عنابر مخصصة، يتم إبقاؤهم في عنبر الاستقبال حتى الانتهاء من الفحوصات المخبرية الكاملة، للتأكد من عدم إصابتهم بأي أمراض معدية، ومن تظهر عليه بعض الأمراض الوبائية تتابع حالته في مستوصف السجن أو في أحد المستشفيات، ويبقى نزيلا في عنابر العزل وإذا تطلب الأمر يتم إدخاله المستشفى.
وعما إذا ورد إلى جمعية حقوق الإنسان في جدة أي شكوى من مرضى الأيدز، قال المهندس طلال قستي حتى الآن لم تقف الجمعية على أي حالة اشتكت من انتهاك لحقوقها في أي شيء يخصها، ومع ذلك من حق أي شخص وبالذات مريض الأيدز أن يحصل على كامل الرعاية الصحية والاجتماعية، وأن يتقبله المجتمع بعيدا عن محاسبته وأن توفر له فرص العمل.

الشورى والإيدز
لأن مجلس الشورى بلجانه المختلفة معني بدراسة وسن القوانين، طالب عايض الردادي نائب رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب في المجلس، تمكين مرضى الأيدز من الحصول على وظائف عمل يقتاتون منها، وأنه من الضروري أن تجد الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الأيدز التي رخص لها قبل سنوات الدعم الكافي من الميسورين وفاعلي الخير حتى تستطيع رعاية المرضى اجتماعيا وصحيا، مطالبا المجتمع أن يغير من نظرته القاصرة لمرضى الأيدز الذين هم إما ضحايا أو نتيجة انحراف سلوك وأنه ليس من حقنا كأفراد مجتمع أن نحاسبهم بل علينا أن نوفر لهم احتياجاتهم وأن نتعايش معهم.

التكافل مع المرضى
ويؤكد الشيخ عازب آل مسبل رئيس لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية وحقوق الإنسان في الشورى على أهمية التكافل والتآزر مع مرضى الأيدز وأن تسعى الجمعيات الخيرية في مساعدتهم، وأن تنشأ جمعية خاصة تحت إشراف وزارة الصحة تعنى بصحتهم وشؤونهم الاجتماعية. نافيا أن يكون المجلس قد ناقش بشكل خاص ما يتعلق بمرضى الأيدز، بل إن كل ما سبق دراسته جاء في تقرير وزارة الصحة.
وطالب الدكتور محمد الشريف رئيس لجنة الشؤون الصحية والبيئة في مجلس الشورى من المجتمع إتاحة الفرصة لمرضى الأيدز التعايش معهم ومنحهم فرص العمل وأن يحصلوا على مخصصات اجتماعية كغيرهم من المرضى، حتى تعينهم على التعفف وعدم البوح بآلامهم للآخرين وحذر من إجراء بعض العمليات في الخارج، وبالذات التي تجرى في دول تفتقر إلى تطبيق الاشتراطات الصحية.

زواج المصابين
فيما قالت عيشه سامي جدع مسؤولة برنامج التزويج ومسؤولة برنامج الدعم للأسر المصابة في الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الأيدز أن جميع المرضى الراغبين في الزواج يخضع الجنسان لفحص طبي للوقوف على مدى التوافق صحيا بين الطرفين، بعدها يشرع في عملية الزواج ومساعدتهما في ذلك.
فتون هشام وندى عمر الباحثتان الاجتماعيتان في الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الأيدز أشارتا إلى دورهما المتثمل في استقبال مريضات الأيدز وإجراء مسح اجتماعي لظروفهن والتوصية باحتياجاتهن.
كرسي الجامعة
خصصت جامعة الملك عبد العزيز في جدة كرسي باسم عبد الله وسعيد بن زقر لأبحاث ومكافحة مرض الأيدز، الباحث الرئيس فيه الدكتور غازي عبد اللطيف جمجوم أستاذ علم الفيروسات في جامعة الملك عبد العزيز أوضح أنه قبل ثلاث سنوات أعلنت الجامعة عن إنشاء هذا الكرسي ومن أبرز أهدافه إجراء البحوث الطبية على مختلف جوانب مرض الأيدز وحساسية الفيروس من الأدوية المستعملة في العلاج وتوفير قاعدة معلومات عن الجوانب الصحية والاجتماعية والثقافية المتعلقة بهذا المرض وتوعية وتثقيف المجتمع من خلال بعض البرامج عن المرض ودمج مريض الأيدز والحاملين للمرض في المجتمع وتغيير الصورة النمطية عن كيفية التعامل معهم من خلال تنفيذ برامج تثقيفية والإسهام في مجالات مكافحة مرض الأيدز والتأكيد على القيم الإسلامية، و ساهم الكرسي بالتعاون مع البرنامج الوطني لمكافحة الأيدز في تنفيذ بعض الفحوصات المخبرية الضرورية لمعرفة مقاومة فيروس الأيدز، حتى يوصف للمريض العلاج المناسب، وأيضا تم توفير عيادة متنقلة لإجراء الفحص الطوعي وبسرية تامة في المراكز التجارية والأسواق، وتبادل الخبرات مع بعض مراكز البحوث العالمية، وحاليا نسعى للدخول إلى بعض الأحياء في جدة لإجراء الفحص الطوعي لسكانها.
ويختتم المتحدث الرسمي لوزارة الصحة الدكتور خالد المرغلاني هذه القضية مؤكدا أن جميع المستشفيات الحكومية والخاصة ملزمة في استقبال مرضى الأيدز، وإن رفض المريض من بعض المنشآت الصحية، فهذا تصرف يتوجب محاسبته، ولكن أي مريض من الضروري أن يخبر الطبيب المعالج بمرضه، فبعض الحالات تدخل المستشفيات دون أن تفصح عما بها وتفضحها الفحوصات الطبية!.